انقدت إلى عالم المدونات سنة 2005 عندما اشتعلت حركة "نبيها خمسة" بفرقعة تماما كغاز الهيدروجين، و كنت متابعا فقط آنذاك و لطالما استمتعت بما رأت عيني و قرأت من آراء و أفكلر و تغطيات لما فاموا به الشباب مشكورين، كان الأمر بالنسبة لي مفخرة أن أرى الجهر بالرأي بات شائعا و الترابط الفكري أصبح سمة تخاطب العقول بعضها البعض، تابعت الأحداث بكل شغف، كنت أشهد التغطيات و أقرأ التحليلات و كنت متشغفا لمعرفة سر هذه الحركة الشبابية، فقد بعثت في نفسي الثقة بالأجيال و فكرها، كيف استطاعت التأثير على الحركات و التيارات السياسية الإسلامي منها و غير الإسلامي، و على الرغم من معرفتي الدقيقة بالكثير من الشخصيات السياسية و طباعها، إلا إن الثقة التي تولدت في قلبي تجاه هذه الحركة جعلتني أتناسى كل ذالك، و كنت أحسب اللحظات لحظة بلحظة حتى أعود إلى الكويت لسببان هما، أن أشهد تأثير الفكر الشبابي على المستوى الشعبي من ناحية و مجريات الإنتخابات من ناحية أخرى، و الأمر الثاني هو إتمام دراسة الماستر
و عندما عدت من زيارتي للكويت ، عدت حاضنا الأمل بغد مشرق، وجوه ثلة من هؤلاء الشباب رسمت البسم على وجهي عندما شاهدتهم في برنامج الدكتور شفيق الغبرا و سمعت كلامهم و أطروحاتهم، كنت أتمنى ان تطوى الأيام و تدور عجلة الوقت كلمح البصر و إن مزقت بدورانها سني عمري حتى اعود و أعمل و أرى ثمار ذالك العمل
انجذبت شيئا فشيئا لعالم التدوين حتى قررت أن أدون، حرت قليلا بماذا أسميها، فقررت أن أطلق عليها لقبا بسيطا بصورته و لكنه أعمق من قاع بحر لجي لا يصل إليه إلا من غاص فيه و بنفس طويل، أبني من خلالها جسورا فكرية مع إخوتي و أخواتي أبناء المجتمع، اترجم من خلالها طبيعتي الإجتماعية، فأنا إنسانا ذو نشاط اجتماعي موفق بفضل من الله سبحانه و تعالى، أعاشر الجميع و لا يعني لي من الشخص الذي يمثل أمامي إلا طباعه و خلقه و قلبه و عقله، و بالتالي، من لا أجد انسجاما أو أرضية مشتركة بيني و بينه لا يرى مني سوى احتراما لا حد له و تقديرا مع تحفظ شديد اختراما لشخصه الكريم و كياني الخاص
و مع مرور الوقت، اكتشفت إن عالم التدوين أقذر بكثير من العالم الحقيقي، و ليسامحني هنا الإخوة و الأخوات جميعا، أنا هنا اتكلم عن العالم و ليس الأشخاص حتى لا يساء فهمي، الإنحطاط الأخلاقي بالكلام و التعبير و الفكر العراكي سواءا بحجة الأنتماء العرقي أو الطبقي أو الطائفي، عجيب، هل الاختفاء وراء الشاشات و الجلوس وراء لوحات المفاتيح يجعل من الإنسان وحشا كاسرا، أم هي الطبيعة التي يفرضها المجتمع الإنساني على الفكر الشاذ أن يتحلى بصفتا التخفي و التربص التان تريان الحياة في العالم الإلكتروني، أم أن ما يراه المتمحص في هذا العالم هو حقيقة هؤلاء البشر الداخلية التي ينعدم فيها الخجل أو الحياء أو حتى الرياء، لا أدري
أفكر أحيانا سائلا نفسي، لماذا أدون؟؟؟، أنا انسان أعيش وحيدا غريبا منعزلا عن مجتمعي، المكان الذي أقطنه يخلو تماما من الكويتيين، و لا أخفي عليكم أن هذا الأمر حملني مسؤولية و الله ثقيلة جدا، قد يصفني البعض هنا بالجنون، و لكنني لا أرى في ذالك جنونا، أنا أراعي تصرفاتي الإجتماعية و العلمية مع الأجانب و العرب و كأنني أمثل الكويت بأهلها، أظهر بأفضل الأحوال قدر الاستطاعة حتى لا يعيب أحدا على الكويت و أهلها، لدرجة أنه ذات مره قيل لأحد الإخوة العرب من صديق له بأنني لست بكويتيا ، فأخذت أقهقه عندما سمعت ذالك منه، و سألته عن السبب الذي قاد صاحبه لذالك الاستنتاج ، فهل هو مثلا على معرفة بالكويت أو اهلها مثلا، فقال لي لا ولكنه يقول أن الكويتيين متعودين على المياعة و الاعتماد على الغير، متعودين على الكسل و الكبر و "رفع الخشوم"، و لا أرى كل هذا في فلان، فقلت له، إن سألك مرة أخرى فقل له أن أجداد فلان أخرجوا أرزاقهم من فم أشرس الوحوش و هو البحر، عاشوا محاربين أشرس الأعداء و هو الفقر، إلى أن من الله عليهم بسعة الحال و بسطة في الرزق، هذا لم يتغير فيهم و زرعوه في أبنائهم و علموه لأحفادهم لأنه مستوحا من عقيدة و أيمان لازما الأرواح و الأبدان، فأنا أتحرك في حياتي على تعدد أبعادها ضمن محور واحد و هو أن الإنسان يصنع الحياة و لكن الحياة لاتصنع الإنسان، الغني هو من غني بأخلاقه و طباعة و الفقير هو الذي يفتقر لخلق يزينه و علم ينفعه و قلب يهذبه، و باتالي أرى الحياة في قلوب الناس و نفوسهم و لا أراها بصورهم، فهم ليسوا دمى، و إن كانت الأصالة طبعا مخالفا لما ذكرت فإني انسلخ منها و لي الفخر، هذا بالإضافة إلى أنني نموذج ناقص جدا، هناك من الكويتيين من يعيش بلسما يتشافى من سماء أخلاقه كل عليل و من طيبة قلبه و كرم طباعه يرتشف الضمآن الرحيق، لا عليك بكلامه أخي، صدقني، ليس كل الكويتيين كما يصف صاحبك
كل هذا السباب و التراشق و الأتهامات المتبادلة و القاء اللوم ما هو إلا ضعف و ضيق في الأفق الفكري، ينتابني ضيق عندما ازور إحدى المدونات و أرى التعليقات الساقطة و العجيب هنا انه على الرغم من أن الأغلبية متخفية وراء معرفات إلا أن التعليقات هذه تأتي تحت مسمى غير معرف، لا أخفيكم بأنني اشمئز كثيرا من أراض اعبرها في عالم التدوين، و اتساءل، لماذا هي قافرات، و لماذا يعتقد أصحابها بانها الجنان، و أعود و استخلص فكرة واحدة، هناك فراغ بين العالم الحقيقي و عالم التدوين، العالم الحقيقي أجمل بكثير من عالم التدوين، لأن الظروف الحياتية الطبيعية تفرض على الجبان أن يكون جبانا و الجاهل أن يكون جاهلا لأنه يخشى نظرة في اعين الناس يراقبها بعيناه، و لكن في عالم التدوين كل هذا غائب، إلا الضمير، و لا أظنه حيا عند هؤلاء
الآن، ما الذي استفدته من عالم التدوين، ثروتي الحقيقة و مفخرتي و هما قلوب الطيبين من الإخوة و الأخوات و احترامهم ، معارف استفدتها من عقولهم، تزودت من أفكارهم و من علومهم و آدابهم، مشاركات في الهموم قبل الأفراح ، و صداقات باتت مفخرة لي، و لو أن بعضها هجر عالم التدوين و فضل العالم الحقيقي أن يكون الرابطة و الصلة بنقائه و جماله و صفائه، و أن يكون حقلا لزرع سنبلات المودة و الاخوة، و لا ضير، من السهل أن يتأقلم الإنسان مع الوحدة، و لكنه من الصعب أن يعيش في عزلة، لا أرى الله مسلما عزلة أو وحشه
حبوا بعض، قربوا من بعض، فهموا بعض، درسوا بعض، صدقوني بتربحون
تكوا عنكم كلام الجرايد و ترهات أهل المصالح
دوروا على المشتركات بينكم مو الفروق
الاسبوع هذا أقفل السنة الحادية عشر من عمري متغرب، سبحانك يا رب، عمري ما توقعت إن المستقبل بيكون بهالصوره، سبحانك يا رب، ما يمر علي يوم إلا و احلم فيه أني رديت و هيعت ، الله كريم، كل شي يهون بعون الله، أهم شي إن الواحد ما يخسر تقته بأمر الله سبحانه و تعالى و يكون أخسر الخاسرين،
أنتم مثلا مقبلون على انتخابات برلمانية، مو عيب انكم تحلمون و لا غلط، بس عيب و غلط لما تكون احلامكم كوابيس غيركم، لما تكون أفراحكم أحزان غيركم
أخوكم الصغير
No comments:
Post a Comment