قال الإمام زين العابدين يوماً لأصحابه:"إخواني، أوصيكم بدار الآخرة، ولا أوصيكم بدار الدنيا؛ فإنكم عليها حريصون وبها متمسكون، أما بلغكم ما قال عيسى بن مريم للحواريين، قال لهم: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها، وقال: أيكم يبني على موج البحر داراً، تلكم الدار الدنيا فلاتتخذوها قرارا"

Wednesday, December 31, 2008

المناهج التعليمية

إن الفاحص للمنهج التعليمي في الكويت يجد أنه قريب جدا من نظرية رالف تايلور التي طبقت على النظام التعليمي في الولايات المتحدة في نهاية العقد الرابع من القرن المنصرم و التي أثبتت فشلها الذريع، يعرض تايلور في بداية محاولاته أساسا لطرق التعليم و التعلم، و ادعى أنها تخضع لمبدأ البحث العلمي، و عن طريق بحث مفضل توصل إلى أن تقييم نجاح المستوى العلمي و فشله متعلق مباشرة و بصورة طردية بأخلاقيات الطالب و تصرفاته و أدائه داخل الفصل، فسلوك الطالب داخل الفصل يعطي صورة واضحة من شأنها تحديد مدى نجاح المستوى التعليمي أو فشله، و استمر هذا النمط الفكري يطبق في النظام معتمدا على أربعة عناصر حددها تايلور هي
تحديد أهداف تعليمية لائقة
بناء تجارب علمية هادفة
تنطيم تجارب علمية ذات تأثير جماعي
تقييم المناهج و مراجعة البنود التي لم تثبت كفاءتها
و اعتبر تايلور هذه البنود قابلة للتطبيق بمعزل عن تحديد الوسيلة، و بذالك قد جعل الأفق التطبيقي مفتوحا ليشمل جميع الوسائل طالما أن المحصلة النهائية هي السيطرة على تصرفات الطالب و التحكم بأدائه و الإرتقاء به، و لذالك لاقت نظريته نقدا و معارضة شديدين ممن لحقه من المفكرين التعليميين و المتخصصيين فلم تستمر نظريته في التطبيق طويلا، و لكننا نجدها تلاقي الإستحسان إلى يومنا هذا في الكويت بعد مضي ستة عقود هذه إن صح نسب نظرية المناهج في الكويت إلى تايلور، هذا بالإضافة إلى إضافات كويتية و عربية عقيمة مريضة قبيحة أهلكت التعليم و المتعلم
المفهوم الحديث للمنهج الدراسي أتى كثمرة لعدة أمور منها التغيير الثقافي الناتج عن التطور و التكنولوجي، و التأثير المباشر لمتطلبات المجتمع على مخرجات التعليم و ضلوع المدرسة في هذه الوضيفة كمختبر إعداد طاقات عقلية متمايزة يستفيد منها المجتمع، أضف على ذالك نتائج البحوث العلمية التي تناولت المناهج التقليدية دراسة و تحليلا حيث أظهرت قصورا جوهريا فيها و في مفاهيمها، الكثير من البحوث و الدراسات توصلت إلى أن هناك علاقة مباشرة بين مستوى التلميذ و صلته المجتمع أي أن بيئة الطاب و طريقة تعامله مع المجتمع و نظرته له و تأثره بمن حوله عوامل تحدد طبيعة الطالب داخل الفصل و حرصه و أدائه، و وجدت أن المعلم اقتصر في عمله على آلية التلقين بحيث اعتمد المعلم على توصيل المعلومات التي تمليها عليه الوزارة دون الربط بين أفكار هذه المناهج أو بذل أي مجهود إضافي أو حتى مناقشة الأسلوب الذي تعرض من خلاله المادة الدراسية، فهو يعد خطته التدريسية مرة واحدة تقريبا ما لم تتغير المناهج و ما عليه إلا أن يعيد كتابتها بشكل أجمل يرضاه الموجه الفني الذي يتكرم بتوقيعه عليه و الذي يتمتع بدور ميت
إزدحم المنهج الدراسي بمجموعة ضخمة من المقررات غير المرتبطة استنادا على رأيين أولهما أن المعرفة هي الخير الأسمى و بالتالي عرض أكبر كمية منها من شأنه تنمية معارف الطلبة في مجالات عدة، و تانيهما هو أن الحاجة إلى مقررات من شأنها تقوية التلميذ و تأهيله لبلوغ الغاية الأولى، و بذالك نجد أن الكثير من الناس يخطئ في تعريف المنهج الدراسي، فهم يعتبرون ما يدرسه الطالب على مقاعد التعليم من مواد دراسية تضمها كتب الدراسة، و هذا خطأ، مفهوم المناهج أوسع بكثير من ذالك و لذالك لم يحدد علماء هذا الحقل من العلم له تعريفا دقيقا و لكنهم جميعا اتفقوا على أن المناهج أضخم من أن تحصر ضمن نطاق ضيع من التعليم، فهي تشمل كل ما يتصل بشكل مباشر أو غيره بالعملية التعليمية، و على الرغم من ذالك فباستطاعتنا القول أن مطوري مناهج التعليم أصحاب الرؤى الواضحة لهذه الصورة بمعانيها المختلفة باستطاعتهم الإتيان بخطط لتطوير المناهج و لكن الجوهر هنا مدى إلمام و اطلاع هؤلاء هو ما يحدد كفاءة خططهم، فأي منهج له في العادة قائمة بكيفية اختياره و أهدافه و محتوياته و طرق تطبيقه و برنامج لتقييم نتائجه و بالتالي تتحقق عملية تمرير الخبرات من المعلم إلى الطالب بنجاح بحيث يكون التحصيل التعليمي للطلبة هو أفضل ما يمكنهم تقديمه، و من هنا نجد أن المنهج هي كلمة شاملة لجميع الممارسات التي توفرها المدرسة للنهوض بامستوى التعليمي للطالب وفق خطط منظمة لاكتساب خبرات من شأنها الإرتقاء بالطالب و إعداده إعدادا سليما حتى يكون عنصرا فاعلا في المجتمع سواءا داخل المدرسة أم خارجها عن طريق أنماطا تعليمية و سلوكية تنمي روح التعلم عند الطالب و أخلاقياته، و محصلة لذالك، ما على الوزارة إلا أنها تعلم الطالب الطريقة للتعامل مع مختلف العلوم لا إقحامه فيها عنوة، تعلمه مبادئ و سلوكيات التعامل العلمي و العملي ، تعلم الطالب كيف يفكر و كيف يتكلم و كيف يعالج بطريقة حضارية علمية و عقلية و كيف يربط نفسه بالتعلم فيحبه و أما الإنغماس الإجباري لن يؤتي ثماره أبدا
لدينا عقول و كفاءات تعليمية و تربوية مميزة و راقية جدا في الكويت و لكن بسبب سيطرة الجهال منهم و الذين هم السواد الأعظم و إن ارتقوا أعلى المراتب التعليمية و التخصصية، فهم ليسوا أهل انتاج أو أداء فكري كان أم ارتقائي تطبيقي

Tuesday, December 23, 2008

الأسباب و المؤثرات الفنية لإخفاق التعليم-1

تقسم هذه الأسباب و المؤثرات بحسب توزيع المهام العامة إلى قسمين
أسباب و مؤثرات تنظيمية إدارية و التي تتمثل بمسؤولية الدولة التي أخفقت فيها عن طريق سوء في التخطيط أو التقنين أو التطبيق
أسباب و مؤثرات إنجازية أدائية و هي التي تشترك فيها الدولة مع الشعب و المقصود بالدولة هنا الحكومات المتتابعة و أما الشعب فالمقصود هنا جميع شرائحه بما في ذالك من هم خارج حقل التعليم

الأسباب و المؤثرات تنظيمية إدارية
اختارت الدولة في بداية نهظتها التعليمية أسلوبا يمزج ما بين النموذج الصوري و النموذج الجوهري لإعداد الطالب و المعلم، و المقصود بالنموذج الصوري هنا أي المظهر الشكلي العام الذي يظهر به الطالب و المعلم من التزام الطالب مثلا بزي مدرسي موحد و الوقوف للمدرس عند دخوله الفصل و تحية العلم و الإذاعة المدرسية و غير ذالك، و بشخصية تحمل في طياتها فرض السيطرة التامة بأي أسلوب كان للمعلم بحيث أصبحت الصورة العامة للمعلم هي صورة رجل يحمل في يده عصاة و يلقي بصرخاته على جوانب الفصل، أما أخلاقيات التعامل بين الطرفين و الإحترام "غير المفروض" و المتبادل بين الطرفين لم يكن ضمن الأجندة العامة حتى فلتت الأمور و أصبح التمرد سمة عامة في بداية الحياة التعليمية الحديثة، و تبعثرت الأسس الأخلاقية و توارثت الأجيال إخفاقات التي سبقتها سواءا على مستوى الطلبة أو المعلمين، كمقدمة هذا باختصار وصفا عاما للبداية التعليمية وفق السياق الحديث تسمية و جموح أجيال متمردة أصبحت من ثم قيادات فاسدة، و أما النموذج الجوهري فقد اعتمدت الدولة على بعض الخبرات الوافدة و المحلية المحدودة في إعداد السياسة التعليمية و لكنها لم تراجعها و لم تقيمها و لم تدعمها أيضا، و جعلته يربو وفق اجتهادات خاصة للمعلمين و مجهودات شخصية للطالب و بتدخل من الأهالي أيضا و سنرى ذالك عندما نعالج الموثرات و الأسباب الإجتماعية مستقبلا إن أحيانا الله سبحانه و تعالى

و أما الجسم الفني و الإداري للمؤسسات التعليمية فقد تشكل معظمه من الكفاءات المستوردة التي لم توعي اهتماما ثقيلا بالمسؤولية الملقاة على عاتقها كما هو الحال الذي نجده الآن بعد عقود من الزمن، هذه الكفاءات ليس من شأنها الإرتقاء بالنهضة العلمية و بالأسلوب التعليمي و مخرجات التعليم بقدر ما تجنيه من ثمرات مادية خلال زمن معين فقط دون وجود لعنصر رقابي سواءا ذاتيا كان أم خارجيا، اللهم باستثناء لبعض الجاليات و الكفاءات التي لا أنكر فضلها علي شخصيا في خلق روح علمية انتاجية تنافسية تسعى لما هو أفضل من عائدات التعليم التي تصب في مصلحة المجتمع العامة، و أما الكفاءات الوطنية فكانت شبه معدومة في البداية و التي بات المتميز منها يعد على أصابع اليد إن قورن بغيره، لك عزيزي القارئ على سبيل المثال أن كلتب هذه الكلمات درس جميع مراحل التعليم العام في الكويت بحيث بلغ عدد المدرسين الكويتيين الذين درس على يدهم خلال 12 سنة لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة بحيث وزعوا على مواد التربية الإسلامية و مادة الإجتماعيات و التربية البدنية

دعونا نبدأ منذ إنشاء المدرسة المباركية للبنين سنة 1911 للميلاد تلتها الأحمدية سنة 1921 للميلاد و التي درست فيها العلوم الحديثة آنذاك و اللغات كالإنجليزية ثم مدرسة الوسطى للبنات سنة 1936 للميلاد جميعها كان نموذجا مطابقا للنموذج التعليمي في البلدان العربية كمصر و العراق و غيرهم من الدول العربية ذات الحركات العلمية السباقة تقريبا، الكفاءات التخطيطية و التدريسية معظمها كان وافدا و الكفاءات الوطنية كانت محدودة و معدودة، أتت الكفاءات الوطنية المحدودة جدا آنذاك و المستوردة أيضا و في جعبتها فكرا و ليس علما فقط تأثر به بعض الطلبة، و المناهح أيضا كانت تستورد دون أن تنقح و تنظم وفق الأهواء كما هو الحال عليه الآن، و تلت ذالك البعثات الدراسية التي طالت الدول العربية بحيث تشكلت أول بعثة دراسية رسمية سنة 1941 للميلاد و التي توجهت إلى البحرين (بعد 30 سنة من إنشاء المدرسة المباركية) و من ثم تلتها أخرى بعد زمن إلى الدول العربية المجاورة كالعراق و مصر و لبنان بحيث امتزج الطلبة آنذاك بتلك المجتمعات و ما كان يدور فيها من ثورة علمية أو فكرية سواءا قومية أو شيوعية أو اشتراكية أو تحررية أو غير ذالك، و بعودة هذه البعثات وجدت الدولة نفسها أمام مهمتان رئيسيتان بالنسبة لحقل التعليم، الأولى هي بناء قواعد طلابية شعبية متعلمة عن طريق انشاء مؤسسات تعليم سني أو مرحلي منظمة تتوافق و حاجة المجتمع و لم تركز على الأسلوب، و الثاني هو الإستمرار بالسعي على تطوير الكفاءات الوطنية و تهيئتها عن طريق إنشاء المؤسسات اأكاديمية و استمرارية البعثات و لم تحدد ماهية الحاجات الوطنية أو أهملت ذالك الجانب و لم تعد خططا مستقبلية مدروسة بل اعتمدت على الإجتهادات الشخصية و نصائح العقول المستوردة في الجهات الإدارية و التي كان بعضها أيضا يعمل و مازالت مثيلاتها على الحفاظ على وجودها، و أنشات جامعة الكويت سنة 1966 للميلاد و التي تعتبر الصرح الأكاديمي الوطني الموؤود حسبما أراه و الذي غرق في محول الإخفاق حتى وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم، و هنا أتت أكبر خطيئة في حق الأجيال، خمسة عقود من الزمت مضت على ما يسمى بالجسم التعليمي الحديث و التعليم شبه ميت في الكويت، قد يقول البعض بأن الكويت ليست ذات شعب أمي أو غير أكاديمي حتى تكون تهضة التعليم فيها شبه ميته، و أقول متى ما أصبحت الشهادة ورقة تعلق على الحائط أو تقدم لوظيفة أو للحصول على لقب أو للمظاهر الكذابة أو لسد نقص شخصي أو للحصول على راتب أفضل دون أن تسهم في نهضة المجتمع فحالها من حال ورقة لف الشطائر، مصيرها صندوق القمامة أجلكم الله بعد الإنتهاء من أكل الشطيرة، و متى ما باتت الدولة بمعزل عن تقدير أهل العلم فيها و أصبحت إسهاماتهم و نظرياتهم قيد التهميش انعدمت قيمتهم القدراتية ، و السؤال المطروح هو بالرجوع إلى ما ذكر سلفا ما هي طبيعة الأخطاء الفنية التي أدت إلى دفن الحركة التعليمية قبل أن ينبض لها عرق في وقتنا الحاضر؟، الأسباب الفنية تنحصر إخفاقاتها في الآتي

المناهج التعليمية
القيادات التعليمية
العنصر التقييمي و الرقابي للحركة التعليمية
غياب هدف واضح و جلي لمخرجات التعليم
خطط تعليمية مؤقته غير دائمة و رؤى تعليمية غير ثابتة
غياب التوعية العامة بالنسبة للمجتمع و المعلم و الطالب
و أخيرا و ليس آخرا، إهمال التعليم المتعلق بذوي الإحتياجات الخاصة
و سيتم تناول كل على حدة في ما يتبع بإذن الواحد الأحد

Sunday, December 21, 2008

التربية و التعليم- مشكلة الكويت الكبرى- جذورها و آفاقها و حلولها

التعليم
موضوع التعليم موضوع دسم و ذو تشعبات وهو محل اهتمام الجميع و لذالك سيتم عرضه بصور متفرقة بحيث سيتم تسليط الأضواء من خلالها على النقاط محل البحث التي ستورد في المقدة إن شاء الله
مقدمة
قوام الحركة التعليمية ثلاث ركائز رئيسة هي واقعا ليست فقط هيكله بل لحمه و عروقه و دمه كما أرى، تلك الركائز نجدها في الطالب و المعلم و لغة الحوار بينهما التي هي الرابط فيما بينهما و هي المادة التعليمية أو فلنقل العلم محل التدريس، و ما سوى ذالك من مؤسسات عليمية و إدارة و وسائل عبارة عن محسنات لهذا الجسم التعليمي أو البناء الإجتماعي أو اللحمة بين لبنات البناء الذي يتألف من مخرجات و اقات تساهم في الحفاظ على مسيرة المجتمع و بقائه و تطويره إلى ما هو أفضل عن طريق توفير موارد بشرية بناءه و عقول منجزة و كفاءات متجددة و أيدي عاملة نشطة ترتبط جميعها بنسيج علمي عملي يعم بالفائدة على جميع طبقات المجتمع دون استثناء
بالنظر إلى الحركة التعليمية في الكويت و تتبعا لجذورها نجد أنها بنيت عن طريق استيراد الكفاءات، و أما الكفاءات الوطنية فرحلتها بدأت نذ الخمسينيات تقريبا إن صح الإيراد حيث تشكلت البعثات التعليمية إلى الدول العربية و الأوروبية (لمن استطاعوا إلى ذالك سبيلا)، و أخذت هذه البعثات بالنمو و التزايد حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، و كذالك الحال هو مع التعليم المرحلي أو العام الذي أخذ هو أيضا بالنمو كما و ليس نوعا و جوهرا، و أنشأت جامعة الكويت و غير ذالك من الكليات و المعاهد الفنية و التطبيقية و المهنية و معهد الأبحاث العلمية، و السؤال هنا هو عن أسباب تعثر هذه المؤسسات و البعثات و إخفاقها في خلق قناة أمداد تدعم المجتمع و فشلها الذريع الذي أودى بالحركة التعليمية في الكويت على مختلف المستويات و المراحل ابتداءا برياض الأطفال و مرورا بمراحل التعليم العام و انتهاءا بالمؤسسات الأكاديمية، و لو بحثنا عن الجهة المسؤولة عن جل المؤسسات سالفة الذكر لوجدنا أنها تقع تحت مظلة وزارة التربية و التعليم، إذا الإخفاق يشملها أيضا إن لم تكن هي جوهر هذا الإخفاق
هناك مؤثرات عديدة أودت بالحياة العلمية بشكل عام في الكويت، و لو قسمناها لوجدنا أنها تقع تحت التصنيفات التالية
أسباب و مؤثرات فنية
أسباب و مؤثرات سياسية
أسباب و مؤثرات اجتماعية
قد يتساءل البعض إن ثم هنالك أسباب اقتصادية أيضا و إنني لأستثنيها و باصرار كوني أؤمن أيمانا بليغا بأن الدولة لم تمر نهائيا بأية أزمات من شأنها إهلاك التعليم و العامل الأدائي لأهم منبع امداد للطاقات بمختلف صورها و لله الحمد و الفضل و المنة، و ما نسمعه من أعذار ما هو إلا ترهات و تصريحات واهية و أعذار لا يقبلها العقل، بل تمر على أعضائنا الأفاضل و ليس علينا، لأننا نتطلع لمستقلبنا و مستقبل اخوتنا و أخواتنا من أبناء المجتمع لا لمال أو جاه أو سلطان، بل نتابع الأمور و نحللها من خلال منظور منطقي عقلي بحت، نحن ليس لدينا أدنى مشكلة في حماية المؤسسات العلمية ماديا مهما كلف الأمر
من خلال ذالك تجتمع الأسباب و المؤثرات حسب منظورنا المتواضع في التصنيفات سابقة الإيراد و التي سنتطرق إليها كل على حدة بشكل مفصل قدر الإمكان بمشيئة الله الذي نسأله التوفيق في ذالك
إخوتي و أخواتي الكرام، إن كان الموضوع محل اهتمامكم و لكم رؤى و آراء خاصة في جانب من جوانبه فلا مانع من ايراد ذالك في تعليقاتكم أو مشاركتم، فإن ذالك محل فخر و اعتزاز و تقدير عندي

Sunday, December 14, 2008

التربية و التعليم- مشكلة الكويت الكبرى- جذورها و آفاقها و حلولها- التربية

بما أن الوزارة المعنية قدمت كلمة التربية على التعليم في مسماها و اختصاصها إذا فسنتخذ من "التربية" بداية لمحور بحثنا التحليلي الذي
يستند على معايشة أداء هذه الوزارة و قياداتها المتتابعة طوال السنين المنصرمة من أعمارنا و نحاول تحديد مدى بعد أو ارتباط هذه الوزارة بالأسس العامة لمفهوم التربية إن أمكن لأن الوزارة أقحمت نفسها في هذه العملية شديدة الأهمة و بالتالي يجب أن توضع تحت المجهر كي تعين مواضع الخلل و بالتالي القضاء عليها إن أردنا أو استطعنا ذالك
يعرف المختصون التربية بأنها عملية تكيف الإنسان مع محيطه و بيئته، و تشكل العملية التربوية غرسا لبذرة الأسرة و المجتمع، فإن صح الغرس نمت الشجرة و أثمرت، و للتربية أدوار و تقسيمات مدارس سنعرضها بشرح موجز لضيق المقام و أتمنى من الله العلي القدير أن يتعمق من لديه الوقت و المصادر الكافيين في هذه الأفكار حتى نرتقي بالمجتمع إن امتلكنا النية لذالك
أدوار التربية
إن أولى وضائف عملية التربية هي كونها تحديدا لملامح علاقة الإنسان بالأسرة و المجتمع، فهي علاقة اتصال لا علاقة نفوذ، أي أنها ذات طابع وجداني بحت يخلو من عنصر التسلط، أي أنه يمكننا القول بأن التربية تخضع لتأثير العلاقة بين الطرف الملقي و الطرف المتلقي على مختلف المستويات، و هي قائمة أساس على التلاحم الوجداني لا القوى النفوذية التي قد نجدها مثلا في علاقة الجندي بالقائد مثلا، فهو يخضع لأوامر ينفذها دون نقاش أو شرح لحيثياتها، بل على خلاف ذالك تكون التربية مبنية على تأثر الإنسان بمن يتصل وجدانه به حيث يحول شعوره إلى فكر يناقشه و يحلله و من ثم يقبله أو يرفضه
التربية هي وسيلة لزرع الإخلاق بطريقة سلوكية، فالأخلاق لا تزرع بالتخطيط و المفاهيم الكلامية، فهي مشروع تطبيقي بحت يقوم على الحاجة إلى سلوك متخلق، أي سلوكا ذو ملامح أخلاقية يعبر عنها بأمثلة و صور حسية عينية لا كلامية تهدف إلى السمو الإنساني العملي كالصدق و الإخلاص و الإحترام مثلا
تقسيمات التربية
تربية ظاهرة - مقصودة
تربية مستترة - غير مقصودة
التربية الظاهرة هي التي تقوم على برنامج دراسي و نجاحها متعلق بمستوى البرنامج التي تحمله و طريقة تطبيقه، و كمثال للتوضيح لا الحصر عملية وضع جدول زمني معين لتعليم مجموعة من الأطفال الإلتزام بالمواعد عن طريق تحديد وقت لبداية الحصة و نهايتها، فإن التزم الطفل بذالك و أصبح ذالك جزءا من طبيعته عرف بأنه من الضروري القيام بتحديد جداول زمنية للمهمات و تنظيم وقته اليومي، و لكن كما يرى الجميع أن هذه العملية نجاحها محدود جدا و لا تؤتي أكلها دائما
التربية المستترة هي الإنعكاس السلوكي العلمي و الإخلاقي الذي يتولد عن طريق تأثر المتلقي بالملقي سلبا أسلبا أم ايجابا و هي مؤثرة أكثر من التربية الظاهرة، أي أن اكتساب المتلقي و تأثره بسلوكيات الملقي يقوم على أسس و دعائم اكثر قوة تأثيريا و مثال على ذالك هو تعلم المتلقي المبادئ كالصدق و الأمانة و الإستقامة من المتلقي لأن التأثير هنا وجداني تتضربه النفس و يهضمه العقل، و المقصود باتأثر السلبي كما ذكر سلفا هو التخلص من الصفات المنبوذة أتخظر هنا كلمة للإمام علي (ع) مخاطبا ولده الحسن (ع) و هي " وجدتك بعضي بل وجدتك كلي" أي وجدت متأثرا بي حتى رأيت بعض صفاتي ظاهرة في خلقك و أنت طفلا و أصبحت أرى جل أخلاقي و صفاتي فيك عندما كبرت أي حين تشبعت بالتأثر بها
المدارس التربوية و طرقها الفلسفية - نظرة موجزة
المدرسة ذات المنهحية الطبيعية - رسو
تنحصر فكرة هذه المدرسة في المنهجية الفلسفية القائمة على إطلاق العنان للأمور بطبيعتها استنادا إلى مبدأ " لا تتصرف بالطبيعة فتدمرها"، فالطفل كالطبيعة ما إن تصرفت فيه إلا و إجريت عليه تغيرات في طبيعته و كيانه، فما على المجتمع إلا اكتشاف الموهب و الميول التي بحملها الطفل و رفع العوائق عنها، كلام جميل بظاهره و في باطنه الشر و الدمار، على الرغم من أن هذه المدرس تحث على الحفاظ على بكارة الطبيعة و أنها ستؤتي أكلها في جميع الحقول عن طريق إطلاق العنان الطبيعي للفرد حتى يكون مبدعا معطاءا منتجا و وهب الحر يات كاملة و رفع جميع العوائق فهي لم تحدد المعايير القاسية و التقييمية لما قد تؤول إليه الأبعاد الجزئية لطبيعة الفرد كالكذب و الجنس و الخيانة و السرقة و الظلم و غير ذالك من الصفات المماثلة
المدرسة ذات المنهجية البرجماتية
تقوم هذه المنهجية على إناطة التربية ن باختلاف الحضارات، أي أن التربية مكتسبة من الحضارات التي يتأثر بها الإنسان معيشيا و بيئته ، يربو بها، فلا أصالة للعملية التربوية، أي أن تربية الشرقي تختلف عن تربية الغربي فإن ربى الشرقي في الغرب بات غربي التربية و الأخلاق و بالتالي ينعدم الوجود الحقيقي لقيمه و مبادئه الأصيلة و مثله لأنها مرتبطة ببيئته و هي عامل متغير غير تابت و هذا خطأ يقع فيه كل من يستند إلى هذه الفلسفة، و أوضح متال على ذالك هو العزلة التقافية التعيشها معظم الغربيون عندما يسكنون مجتمعات شرقية ذات ثقافات متأصلة كمجتمعات الشرق الأوسط و بعض مجتمعات الشرق الأقصى على سبيل المثال، لحركة المشتثشرقين أعظم الدلالاتـ فهم لم ينسلخوا عن ثقافاتهم رغم تشبعهم بثقافات أخرى، إن هذه المدرسة لا تعطي الأخلاق صفة الوجود المثبت بل تعتبرها عاملا متغيرا و هذا خطأ آخر، فلا المجرم يتحول إلى شخصل مستقيما بمجرد تغيير المجتمع الذي يسكنه و لا صاحب الفضائل يتنازل عن فضائله إن عاش في مجتمع يخلو منها
المدرسة ذات المنهجية الإسلامية
بداية و حتى لا يشكل البعض، المنهجية المقصودة هنا منهجة عامة نجدها بالطبيعة الإسلامية و لا علاقة لها بالدارس الفقهية أو غير ذالك، فأفكارها مستمدة من المفاهيم العامة التي يراها الكثيرون في القرآن و السنة بكل وضوح و هي تختلف عن ما يروجه البعض من فكر خلط فيع العرف و الهوى
تعتد هذه المدرسة على تلات مقومات أساسية
مبدأ أصالة المثل (مخالفة البرجماتيكيين) - أي أن العملية التربوية تمتد عبر الحضارات و لا تنحصر بين عرقيات أو أزمنة، و أن المبادئ التربوية و الأخلاقية متأصلة في الطبيعة البشرية ( إنا هديناه السبيل إما شاكرا و إما كفورا) صدق الله العظيم، و أمثلة على تلك الأصالة هو إجماع الحضارات كلها على أن الصدق محبوب و الكذب منبوذ و الشرف جميل و الخيانة قبيحة فكل هذه الأمثلة أصيلة غير مكتسبة
تقسم هذه المدرسة اللذات إلى قسمين
لذه حسية - طعم عصير البرتقال مثلا
لذه عقلية - و هي مسألة رياضية يتحرك من خلالها العقل و عدة تشعبات للوصول إلى الحل، و كمثال على ذالك هو الحالة التي تنتاب المرء عندما يساعد رجل كبير في السن أو شخصا عاجزا في عبور الشارع مثلا، فحالة اللذة التي تنتاب الإنسان عندما ينجز عملا كهذا هي حالة تفور عقلي تدل على أن هناك مثل أصيلة مترسخة في فطرة الإنسان، فإن وافقها استأنس و فرح و إن خالفها استاء، و إننا نجد هذه الفكرة في التكوين الإنساني ( و نفس و ما سواها فلإلهما فجورها و تقواها، قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها) صدق الله العظيم فالمثل و الأخلاق متأصلة غير متغيرة و لكن الإنسان هو الذي يحييها و يميتها بالتأثير و التأثر
مبدأ الرقابة و الإشراف - أي المتابعة الهائة الهادفة دون عنف و هي الحركة التي تقوم بها الأسرة لا المؤسسة التربوية أو أي مؤسسة أخرى و إن أخذت المؤسسة التربوية دور الأسرة أصبح الدور الربوي غير هادف لأن المسؤوليات فيه تضيع بين تعدد المسؤولين و تصادم القرارات و تغيير السيايات و المنهجيات فلا يبقى قانون تربوي ثابت أو قاعدة ثابتة فيهلك الجيل كما نراه بام العين أخلاقيا و تربويا ( يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة) صدق الله العظيم، فالمتابع يجب أن يكون أهلا لذالك عن طريق متابعة نفسه أولا تم محيطه و لا يلبس ثوب الدين و الشرف على غيره و هو في معزل عن مراصبة و محاسبة نفسه، فمن باب أولى أن يقيم أخلاقياته قبل أخلاقيات غيره
أما المبدأ الثالث فهو مبدأ العقل الجمعي ، هو مبدأ أو قاعدة تحتاج إليها التربية و الدين، و مثال على ذالك ما نجده في الدين يحث على صلاة الجماعة كنشاط جماعي يخلق عقلا جمعيا و كذالك في الحج، أي أن الفكر الحاث على أن المرء هو جزءا لا يتجزأ من المجتمع و أن أن بقية أفراده لا يختلفون عنه و لا يتمايزون عنه بأي صورة كانت و يتصرف من هذا المنطلق هو ما يغرس في العقول و تتكهرب به النفوس، فالفائدة و الضرر كلاهما يصيب الجماعة و بالتالي تصقل شخصية الإنسان و يربو على المشاركة الفكرية و إلغاء مبدأ العزلة الفكرية و يصبح المرء قادرا على تقييم أفكار غيره بصور علمية لا أهواء شخصية لأنه على علم بها عن طريق مشاركة جميع أفراد مجتمعه و التحامه مع جميع الطبقات فكريا، و بالمشاركة الفكرية يضيع التشتت بين مجاميع المجتمع الواحد و تضيق المسافات و بدون العقل الجمعي تنقسم حتى الجماعة الواحدة و تظهر التيارات و المجاميه و التبعثر، و تموت المبادئ العامة و توأد الإخلاق و يحكم الهوى و ينهار الجيل فيهلك امجتمع بالتبعية، و دعوني أقدم لكم متالا من حياة من قال عنه الواحد الأحد الفرد الصمد سبحانه و تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) صدق الله العظيم، خير خلق الله صلوات الله و سلامه عليه و آله
عن سهل بن ساعد رضي الله عنه قال: أُتي النبي بقدح فشرب منه، وعن يمينه غلام أصغر القوم والأشياخ عن يساره فقال: يا غلام، أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ، قال: ما كنت لأوثر بفضلي منك أحدًا يا رسول الله فأعطاه إياه
بذمتكم، لو تفوه بهذا الكلام غلام غي أيامنا هذه هماذا سيكون مصيره؟
و مما قد سلف ذكره نجد أن الإنسان هو الدعامة الأساسية للمجتمع و منهج التربية هو بناؤه، و بما أن المؤسسة التربوية حائرة في أمرها بحيث أنها لم تحدد اتجاها تربويا واضحا و منهاجا عقليا تطبيقيا لا قوليا ، مدروسا يخلوا من أهواء تيارية و شخصية مخلوطه أدت إلى إلغاء الوجود الموحد و خلق كيانات جزئية و هز عنصر التقة بالمؤسسة التعليمية و تقوية مبدأ المحاصصة و الطبقية و تجميد مشاركة الكافاءات و إفشاء فكر الفشل الجماعي مما أدى إلى إلقاء اللوم على المجتمع في انهيار الأجيال قبح إفرازاته من بعد تلويثه بكفاءات غير مؤهلة و تسليم المؤسسة التربوية لمن ليسوا أهلا للتصدي لهكذا موسسة عظيمة الأهمية فانهار بالتبعية المجتمع، من خلال ذالك نجد أن الحرص على ضياع المبادئ التربوية أمرا طبيعيا عندما تسود الفوضى و المصالح الفردية و التيارية على المصلحة العامة و أن بقاء الوزارة كمؤسسة تربوية هو أحد أخطر الأمور على الأجيال، فالمؤسسة يجب أن تكون تعليمية فقط حتى نستطيع ايجاد أجيال تحمل فكرا مشتركا غير مبني على أهواء من يحملون مسمى قيادات تربوية، إلا أن كانت منهجيتها هي خلق أجيال متقاعسة فهذا أمر آخر
باختصار شديد كان هذا عرضا لمبادئ التربية و أترك لكم تقييم المسيرة التربوية و اما رأيي فهو إن المؤسسة التربوية خلطت الحابل بالنابل حتى فقدت أية هوية لسياستها التربوية و حتى من يدعون أن الفلسفة المزمع تفعيلها هي الفلسقة التربوية الإسلامية هم مخطئون لأن ما يطرحونه هوائي بحت يخلوا من أية من المبادئ سالفة الذكر، فهو لا يحمل أصالة المثل لأنه لا يعطي المتلقي فرصة التقييم العقلي و لا للهدوء في مبدأ الرقابة و الإشراف و لا لمبدأ العقل الجمعي في طرحه لأنه يقضي على أي طرح لا يتوافق و مبادئه مهما كانت هويته، فهو يطمح لخلق جيل أحادي الفكر محكوم العقل و محجور على رأيه، و أما التيارات المتحررة أو السياسية فهي تقصي كل فكر له صلة بالدين و إن كان نافعا و تطبق كل ما سواه من المبادئ و إن كان مرفوضا حتى من الناحية العرفية و الذي قد يؤول بالأمور إلى خلق فكر يتضارب مع واقع حامله مما يهز كيان الإنسان، مثالا على ذالك الطابع القومي الذي كانت تحمله المناهج التربوية قبل الإحتلال العراقي للكويت و مبادئه و أسسه التي صدمت الجميع يوم احتل الوطن و وقفت الحكومات ضد تحريره و اضمحلت أسس و مزايا و سمات التكامل العربي و غير ذالك من الشعارات، أتركوا التربية للأهل والأسر أفضل و دعوا الإجيال تحاول خلق ما يربط بينها بدلا من بحثها عن الفروق التي تزيد الفوارق بينها و اتركوها في معزل عن التيارات السياسية و التناحرات الفكرية و اجعلوا المؤسسة فقط علمية و ليست تربوية كما هي حالتها في أغلب دول العالم التي لا تعاني من تعليم أبنائها، لنفسي أحتفظ بهذا الرأي و لمن أراد منه نفعا حق الإحتفاظ واصل، و أما من يرفضه فهو أيضا محل للإحترام و التقدير

Monday, December 8, 2008

صناعة إنسان و بناء وطن

يخوض الكثيرون قي موضوع الإصلاح التعليمي منذ سنوات عدة، و لكن إلى الآن و أظن إلى مدى ليس بقريب لن يجد الإنسان الكويتي أي نتائج إيجابية على المستوى الإجمالي على الساحة التعليمية و الإجتماعية بالتبعبة على الأقل خلال العقد الراهن و العقد القادم كما أرى، و ذالك يرجع لأسباب أولها أن العاملين على الحركة الإصلاحية للتعليم ليسوا جادين في زعمهم و لأن المشكلة كما أرى ذات تشعبات كثيرة تتقاطع مع مثيلاتها السياسية و الإجتماعية و لأن من يعملون على إيجاد الحلول فاقدون للكفاءات التربوية و التعليمية و لأن الطرق المتبعة طرق قديمة عقيمة أكل عليها الدهر و شرب مرارا و تكرار حتى تعتقت فاحمضت و من ثم بليت
للأسف الشديد الجميع يرى بأننا كما تجري عليه العادة لا نبحث عن أصول و منابع الإشكال و نعالجها و لكن نحاول إخفاء الإخفاق و دفنه و مواراته إلى أن تفوح رائحته الكريهة النتنة و يتولد إلحاح للتغيير نتغنى به و لا نجد من بعد ذالك إلا صور إخفاقية جديدة محورة في شكلها متطابقة في مضمونها، أكثرنا لا يعمل و لكنه فقط يتكلم عن العمل و بالتالي بات تصحيح المفاهيم و تقويم التصرفات أمرا ليس بسهل، يجهل الكثيرون بان هناك علاقة قوية بين المفاهيم و التصرفات و هي معتمدة على مدى قوة ترسيخ المفاهيم و التصاقها بالفكر التطبيقي لا الكلامي للإنسان
أتخطرتصريح كان لوزيرة التربية و التعليم السيدة نورية الصبيح إبان استلامها لحقيبة الوزارة عندما سؤلت عن تردي المستوى الأدائي للمعلم إن لم تخني الذاكرة فأرجأت العلة في ذالك إلى تردي الميزانية كسبب رئيس، و لو ساعدت الميزانية لتم استقطاب مدرسين حتى من أمريكا على حد تعبيرها و كأن أمريكا وحدها ولادة للمعلمين الأكفاء و ما سواها عدم، هذا التصريح استوقفني لبرهة متسائلا، هل سخرت الوزيرة من عقولنا كمتابعين أم أن من صرحت لهم في المجلس لا يعون ماهية ما قالته السيدة الوزيرة أم أن هذا فعلا ما تؤمن به هي نفسها؟؟، لِم لم تقل اليابان مثلا أو فرنسا أو بريطانيا؟؟ و أين هي ألمانيا و كندا و الصين؟؟ و غيرهم من الدول التي تهتم بصناعة الإنسان و صقله علميا حتى يرتقي أداؤه و تعم الفائدة على المجتمع ككل، نحن كمواطنون كويتييون لا نطلب عنب الشام أو بلح اليمن أو نوق الملك النعمان الحمر و لكننا نطالب بنظام تعليمي يكفل لنا و لأولادنا حياة لا تختلف عن من سوانا من البشر في الأقطار سالفة الذكر و الآلاف سواها و ليس بشرط أن تكون أمريكا هي مقياس المستوى الأدائي ، هذا حق من حقوق المواطنة المكفولة لنا دستوريا و حق من حقوقنا كبشر، التعليم ليس بفصول دراسية مكيفة و كمبيوترات و غير ذالك من الشكليات، إن كان المعلم فاقدا لأهلية التعليم المعرفية و الإنسانية و المؤسسات التعليمية المسؤولة ليست بالكفاءة المطلوبة لتوفير نظاما تعليميا ناجحا فلا نظاما تعليميا لدينا
انظلاقا من منظور شخصي، أرى أن تدهور المستوى التعليمي الآفة الأقوى فتكا في المجتمع الكويتي، و لم تكن هذه المشكلة وليدة الساعة و اليوم و السنة و إنما هي نتاج طبيعي لسنوات من الإخفاق و التسيب و الإهمال و سوء التخطيط و الإدارة لأهم مؤسسة في المجتمع، مؤسسة تبني الأجيال التي هي ذخر الوطن الحق لا نفطه، لإن حالة السقم هذه التي يعاني منها النظام التعليمي أردت المجتمع عليلا يترقب منيتة كما يراه البعض، و لكنني لا أراه بهذه الصورة حقا، أرى في القوى العقلية القادمة قوى بانية معالجة ستسنح لها الفرصة في ذات يوم لدمغ بصماتها في معالجة الخلل و إن كان ذالك على المستوى الضيق، فبداية الغيث قطرة دائما
و من هذا المنطلق أنوي عرض سلسلة من المقالات أسأل الله العلي القدير التوفيق لها تعبر عن رؤية شخصية متواضعة في قضية التربية و التعليم في الكويت و أتمنى ان تثمر و تعود بفائدة جماعية بإذن الله تعالى، و علها تساهم و لو بحجم ذرة الرمل في إنقاذ ما بمكن إنقاذه و التي تعالج ركائز التعليم الأساسية (الطالب، المعلم، النظام التعليمي، المؤسسة التعليمية) و التي يتكون تحت عنوان" التربية و التعليم- مشكلة الكويت الكبرى- جذورها و آفاقها و حلولها" و بالتالي أتمنى من الإخوة الذين يحملون رؤى إصلاحية في التعليم المساهمة حتى تعم الفائدة و نصل إلى الهدف المنشود، و أنا من الذين لا يركنون لا على المجلس و لا على الحكومة فكلاهما علة لا دواء و إنما أعول على العقول النيرة و القلوب الطاهرة، و أود التنويه بأن ما سأطرحه غير مستند لبنك من المعلومات الورقية و لكن متابعة و تحليل شخصيين
كانت الغيبة محطة من محطات الحياة التي استدعت العزلة حتى تتحقق الأهداف و التي بفضل من الله و منه و رحمة منه اجتيزة و له الحمد و المنة، و ها قد عدنا و لله الحمد لكم إخوتي و أخواتي حتى نشارككم أفكاركم و مشاعركم و نتواصل معكم بكل محبة و ود و إيثار لا حد لهم، و لكل من سأل و مر و تفقد كامل و شامل التقدير و الوفاء و الشكر