قال الإمام زين العابدين يوماً لأصحابه:"إخواني، أوصيكم بدار الآخرة، ولا أوصيكم بدار الدنيا؛ فإنكم عليها حريصون وبها متمسكون، أما بلغكم ما قال عيسى بن مريم للحواريين، قال لهم: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها، وقال: أيكم يبني على موج البحر داراً، تلكم الدار الدنيا فلاتتخذوها قرارا"

Wednesday, October 28, 2009

أم البسايل

لا تنشدي عن بسم تشوفينه على شفاهي يا ام البسايل

ترى مهما نطق للسان و سطر جوابه لكل سايل

ما ينصف عشق(ن) ينبع و من القلب سايل

حين رطب عروج البدن و نبت البسم بشفاي

و شفاه كل من حار بعلاجي و بشفاي

بس اللي توهم و ظن إن علتي بشي في

ما توصل لها حين(ن) سلك كل الوسايل

فوت بوسند

الأخ الفاضل و العضو المحترم السيد علي الدقباسي اقترح تعديلا على قانون الجنسية مفاده أن تمنح الجنسية لإبن الكويتية التي تحمل الجنسية الكويتية بالتأسيس و إذا كان أبوه (الأجنبي) أسيرا أو متوفيا أو طلقها طلاقا بائنا إلى آخر الإقتراح، و عليه أقول
أستاذي العضو المحترم لدي أسئلة أتمنى أن أجد جوابا لها و هي
هل الكويتية صاحبة المادة الأولى توحمت عندما حملت بابنها بمارون قلاسيه مثلا و الكويتيات الأخريات توحمن بخريط؟
هل الكويتية صاحبة المادة الأولى من ثقل الحمل اتخذت من ريش النعام فراشا لها و الأخريات نمن على حصير من سعف النخل؟
هل الكويتية صاحبة الجنسية الأولى ولدت ضناها في أحد مستشفيات عطارد باشراف طاقم طبي من زحل و الثانية انتظرت لين تثبر المايه و راحت ولدت على حد؟
هل ابن الكويتية صاحبة المادة الأولى نازل بقفه و الا بزبيل و أبناء الكويتيات الأخريات ممن لا تنطبق عليها بقية الشروط نولد على الرمل؟
هل الحليب الذي أرضعته الكويتية صاحبة المادة الأولى لولدها خاثر و زبدته زايده مثلا و الثانية ماي مايوه و مغشوش؟
هل ابن الكويتية صاحبة المادة الأولى ترعترع على أكل ال فتوشيني الفريدو و الثاني قضى عمره يواف و خباط مالح مثلا؟
هل ابن الكويتية صاحبة المادة الأولى تعلم على يد أساتذة من ناسا مثلا في حين أن الآخر هبابه يكتب اسمه و يجمع و يطرح؟
و هل ابن الكويتية صاحبة المادة الأولى مزيون مثلا و الثاني سحت؟ اشدراك يمكن ابن الكويتية صاحبة المادة الأولى أبوه بنغالي و الثاني أبوه تركي؟

أخي العضو الفاضل، الله يرحم والديك، ترى ما حنا قاصرين تقسيمات و مشاكل زايده، ليتك بس قايل أبناء الكويتيات و ساكت جان أسنع و الله
مواطنة لم يتقدم لها مواطن، من كلفنا نحن كمجتمع أو حتى كدولة بالحجر على حق كفله الله لها بالإرتباط برجل ترى فيه العفة و الستر و الصلاح و تنجب منه. إن كانت الإجابة بأن حقها مكفول كإنسانه و لا اعتراض على ذالك بشرط أن تلتزم بقوانين الدولة فإنني أتساءل بالتالي، لماذا قوانيننا بكل حقولها و ميادينها تستفحل على البعض و تصير قرقاشه أما البعض الآخر؟ ليش القانون و الدستور حجة على البعض و من يقربون يم البعض الآخر يصيرون مثل الطيران ينصقلون صقال؟
و الا السالفه مثل ما هي في المقطع؟؟؟

Sunday, October 25, 2009

النهوض

عندما هممت بالكتابة عن فكرة هذا الموضوع أخذت الأفكار و العبارات تتبلور الواحدة تلو الأخرى و تترى كقطرات المطر المتهاطلة و هنا توقفت لبرهة و قلت، بما أن طبيعة التفاعل مع قلب الفكرة و ليس قالبها كان بهذه الصورة إذا سأدعها تتحدث و أصمت أنا عن الحديث

Thursday, October 22, 2009

الحظ

يجبرني الحظ من اشتكي أقطف عناقيد
له من بستان ناطوره ألزمني العنا قيد
هو ما عنى راحتي لكنه عنى قيد
ينكس به هامتي و يطلعني بين الريايل ورق
كل ما شبيت بوجهه تلبس بالطيب و رق
يحسب راس مالي النوح شروى الحمام و الورق
ما أطاوع الردي و لو لف حول العنق قيد

Monday, October 19, 2009

من نسيج الذكريات

أحيانا يجد الإنسان نفسه محاطا بعالم ملؤه مؤثرات أنتجت ضغوطات حياتية، و للحصول على لحظات من الصفاء الذهني و الاستئناس تجده يترك ذالك العالم و يلجأ إلى عوالم أخرى، و بحسب شخصية الإنسان و ما يتشبع به عقله و قلبه من فكر و إحساس تتحدد طبيعة العوالم تلك، فهناك باختصار شديد مثلا من يشخص بنظره ناحية العالم الحق و هو عالم الآخرة فيجعل كل ركن من عالمه الدنيوي يحاكي ذالك العالم بكل جوانبه، و بالتالي تتولد حالة من التعلق القلبي بذالك البعيد تنعكس على سلوك الإنسان فلا تؤثر به سلبيات عالمه الحالي بل تزيد من تعلقه بالعالم الأخروي و تحفز أداءه و يظهر هذا التأثير على كل عوالم حياته الأخرى، و هناك من يلجأ إلى عالم الثمول مثلا محطما بذالك كل عوالمه الأخرى، و هناك من يلجأ إلى عالم الفكر خيالا كان بطبيعته أم علما، نظريا كان أم عمليا، فتجده يجسد أفكاره وخواطره بأسلوب و أثر سلبيا كان أم إيجابيا، هدما أم بناءا، يعالج بها سلبيات عالم الواقع فيكون صاحب علما منتجا أو فكرا بناءا إن كان فكره بناءا أو هداما إن كان بطبيعة الأثر معاكسا لذالك تماما، و هناك من يلجأ إلى عالم الذكريات، ذالك العالم العجيب، فمحطاته دائما تشهد ذهابا و إيابا، غدوا و رواحا، هناك من يغير محطات حياته بسرعة لا حد لها حتى يبتعد عنمحوره بأبعد مسافة فيصبح تأثيره شبه منعدم لمساوئه، و هناك من يتخذه نقطة تجمع مهما تغيرت رحلات الحياة فيصبح محطة إعادة تعبئة للوقود النفسي إن صح التعبير
كان يوما شتويا جميلا بكل ملامحه و صفاته حينما توقفت سيارتي بالقرب من منزل أحد الأقرباء، كانت السماء متلبسة بغيوم ناعمة، و كان رذراذ المطر يهطل برقة و نعومة، ها هي الشمس بدأت تشرق وهي متستر بحياء رافضة خلع لثام الخجل و اتخذت من تلك الغيوم جلبابا، خرج هو من منزله و سألني عن صديقين لنا كانا ليجتمعا معنا في الوقت ذاته، و بينما كنا ننقل الأمتعة من سيارتي لسيارته و إذا بهما قد وصلا، فتبادلنا السلام و لا بد من بعض الضحك و استقلينا نحن الأربعة السيارة متجهين إلى المرسى، و عندما وصلنا بدأنا نتأكد من أن كل ما قد نحتاج إليه متوفر ركبنا قاربنا، و هنا فلتعذرني لغتنا العزيزة و لتسمح لي بالتحول إلى اللهجة الكويتية كي أحكي أحداث رحلة من أجمل الرحلات التي قضيتها في عمري
طرادنا كان الختال صبة قرفه طويلة، و كانت الكبينة تفر، قام كل واحد منا يسنع الشغل و يحط كل شي مكانه عقب ما نزلنا الطراد و فلينا الصنقل عن العربانه و دقيناه سلف، تلبجن كل واحد فينا عدل و التتانه كل واحد عمل زقارته و تلثمنا و دقه دقه حركنا و النور توه يشق، المايه كانت خواهر دهنه و الهوى نعشي يرد الروح و المطر خفيف هبابه الواحد يحس فيه، الكل اخذ مكانه تفر، إلا النزغه اللي واقف صدر و ميود حبل مربوط بقلمة عند الونش بصدر الطراد، و اللي هو طبعا أخوكم، كل شوي يرشني الجاثح، مو جاثح الماي لأ! طنازة اللي قاعدين تفر، اللي يقول عدل يا تايتانك، و اللي يقول قاصرك ينحان و نصير من بواخر أوروبا و كلنا نضحك، شوي جان يقول سكونينا ترى إذا هذا ممشانا ولا باجر نوصل، لا تروح علينا المايه يا يبه، يالله تعال بأعطيه، هديت مكاني و قليت قطف زقارتي بحر و قعدت و عطاه، انتهى الكلام و سكت الكل و ما كنت أسمع طبعا إلا دوية المكاين، أطالع عيون الربع و كل واحد كانت يقول شي بعيونه إلى أن وصلنا قطعتنا اللي نبيها و كانت بعيدة شوي، منع سكونينا شوي و قام واحد طلع السن و خرابه من الخن و قله و طفت المكاين
طلعنا الخيوط و الييم و طبعا سكونينا قبل لا يسوي أي شي بلش بعادته و هو أول شي يسويه قبل أي شي ثاني، يصب له و لنا جاي، أخذ كل واحد قلاصه و نزل لثامه حدر حنجه و عمل اللي يدخن زقارته و بلشنا نسنع خيوطنا و قام كل واحد فينا أخذ له ربعه بالطراد، عقب ما قليت خيطي قمت و دخلت ريلي ببكرة الخيط و تسندت على التريج و جابلت جايي و زقارتي، سبحت بخيالات و رحت بعيد و ردت فيني الدنيا ورى و رجعتني من الكويت إلى أيام ما كنت أدرس بكالوريوس بره، اشلون كنت أسولف دوم هناك عن البحر و الحداق ، على فكره، طلعت من دنيا و دشيت دنيا ثانية، عالم ثاني عقل ثاني و قلب ثاني، أتلفت يمين و شمال و نسناس الهوى اللي يرد الروح و المطر اللي يرش البحر رش خفيف حيل هبابك تحس فيه و الا اسمع هااااااااااااا، وين رحت ؟ يسألني اللي ماخذ مكانه جبالي، قلت له سلامتك ما رحت مكان كاني هنيه، جان يقول أي هنيه يا معود؟ كشرتك اشكبرها على ويهك أنا قلت السمج يدلدغ ريولك من ينبر، ضحنا كلنا، و قال اللي يصير لي (السكوني) اللي مكانه دوم تفر و يمه الرادو شغال و يباري خيطه "يمكن أم كلثوم وهي تغني ودته بعيد، ماني خابرك تهوجس يا فلان" ، قلت و ليش ما اهوجس، انتوا ما يهوجس عندكم إلا العاشق؟، من زمان ما حسيت إن ماكو حولي إلا ماي، و من زمان ما عشت بصخة مثل اللي ألحين، و من زمان ما حسيت إني صج بحاجه إني أطلع من هموم العيشة اللي طابجه على صدر كل واحد فينا، و ثلاثتهم وافقوني و قام كل واحد فينا و جابل خيطه، و شوي بينت السمجه، و أحلى شي إن ما كان أكو أحد كلش حولنا و يوم قربت حزت صلاة الظهر صلينا و نجبنا ذاك المموش اللي يحبه قلب الواحد و تغدينا و قمت ويا صاحبنا اللي قاعد صدر و نظفنا و شلنا الغدا و غسلنا و قعدنا أربعتنا نشرب الجاي و نسولف شوي، و تالي ردينا نحدق بس الصيد كان واقف و دارت المايه و عزمنا نرد
يرينا السن و كل واحد أخذ مكانه و حركنا، بس ما ردينا على طريجنا اللي يينا منه، أشوف السكوني مجري صوب ثاني، صرخت عليه و قلت له اشفيك وين، جنه القارمن قام يخوره، قال لا يا به اصبر، مفاجأه لك و إن شاء الله ربي يتممها على خير، اش هالمفاجأه اللي بالبحر رديت عليه، أخاف متزوج حوريه و أنا ما أدري، ضحكوا و عقب شوي أشوفه دوح و منع و سألني، من متى ما باريت قراقير؟، قلت من زمان، قال لي يالله شوح الملمص، قلت: وينه؟ قال "بالخن جدام"، و وقفت صدر و هو يرد بالطراد جان يقول قل!، شحت الملمص و قعدت أير على الخراب لين صدت البيطه، علقت الخراب على الونش و شغلناه، و قمنا الثلاثة ننطر القراقير يبينون، يوم بين أول واحد و باريناه و راه الثاني و خلصنا منه بس يوم قرب الثالث شفت منظر من أحلى المناظر، القرقور كان فيه سكنين كبار يسبحون داخله بشكل دائري، شكل كان عجيب، خلصنا منهم و قلينا البيطه بحر و ما ورى بعد خلاص بندر يا يبه بندر، قال لي اللي يصير لي، هااا حداق و حدقت و قراقير و باريت، بعد شتبي؟؟، قلت أبي أطورف، جان يقول واحد منهم "هذي عاد اغسل ايدك منها"، السيف انوكل ، قلت إي والله انوكل، و يوم قربنا على الديرة اتفقنا نمر أحد الأقارب أيضا كان ناوي يروح أقواع عوهه،طبجنا عليه و سألناه و سألنا طبعا عن الصيد و قال لنا إن أثنين من الربع قصدوا الطبعانه و هم رحنا لهم هناك ، و عقب ما وصلنا المرسى و نزلنا الأغراض و الصيد، و اللي له خاطر بسمجه أخذها غير جسمة الايدام و اللي وصونا عليه الربع إن صدناه و السكون الأثنين على الخشرة نزلناهم السوق، و تحولت طلعة الحداق هذي إلى ذكرى من أجمل ذكريات حياتنا، ليش أقول حياتنا؟؟، لأسباب هي أن ثلاثة اعرفوا البحر من فتحوا عيونهم على الدنيا، و عاشوا معاه أبا عن جد، على فكره، قضوا أعمارهم فيه و كان ملاذهم من بلاوي الدنيا و مشاكلها و هم رزق بنفس الوقت، و على فكره أنا بالنسبة لهم عمرو دياب الحداق، عليمي من قلب، و صج أعترف، هم ما شاء الله عليهم نواخذه صيد و حداقه و معروفين بالأسامي و مشهود لهم، و أعمارهم الله يحفظهم لغاليينهم أكبر من عمري بسنين، اللي يصير لي كان يحدق ويا يدي الله يرحمه اللي متوفي سنة 79، ويني و وينهم، ما أطقها وياهم، أنا حدي أقواعنا بس، الصافي الله يسلمكم هو أن الأربعة ما يحدقون ألحين كلش، انحرموا من عشقهم و معشوقهم، خاصه الثلاثة اللي عمرهم كله قضوه بالبحر، الثلاثة كل واحد فيهم حاشته جلطه بعيد الشر عنكم و عن غاليينكم و انحرموا من البحر، و أنا همت على ويهي بهالدنيا و صار لي سنين حتى ما ركبت طراد ولا حدقت أقواعنا، و كل ما أقرا عن الحداق بالجرايد أضحك لسبيب أو خلوني أقول شكلين، الأول هو لما أقرا عن الحداق و الثاني لأن الغاصه اللي يصيدون السمج بالتفاقه هم يسمون عمرهم و يسمونهم حداقه، كل واحد شايل لي هامور اشبليه و الا شماهي و الا سكن صايده بتفق و يقول حادق له، الحداق يا يبه مو نقوه، الحداق رزق و حظ و توفيج

Tuesday, October 13, 2009

بين السكوت و الكلام

يعتبر المجتمع الكويتي من المجتمعات المحصورة ضمن نطاق اجتماعي بحيث لا يخفى فيه حدث ذو صدى مهما كانت صورته سوءا سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ففي كثير من الأحيان ترى التلاعب بالقصص و الأحداث و القضايا رؤى العين و تشهده بحواسك، و ترى التفاعل بوجهه العام يتسع قطره شيئا فشيئا و كأنه موجة اهتزازية، فعلى سبيل الثال لا الحصر يظهر تجلي هذا السلوك بعظمته في نسب البطولات و ابتداع قصص و روايات بأحداثها و أشخاصها، و لنأخذ فترة الإحتلال كمرحلة عاصرناها بكل جوانيبها و أعقده و لم تصل إلينا عن طريق امهات الكتب، كذب محض تتناوله الألسن و تتشدق به و تدافع عنه بشراسه، و ألحق بذالك البطولات و الإنجازات و ترانيم المدائح التي تلته إلى يومنا هذا لأشخاص في جميع الميادين، و مع هذا كله أحيانا كثيرة و كثيرة جدا يجد المرء نفسه تنتابه حالة تجبره على السكوت و عدم التعليق أو الإدلاء بأي رأي سواءا سلبا أم إيجابا، و ذالك لأن المرء أحيانا يجري دراسة ماسحة للمتلقين فيخلص بنتيجة تكون دائما تصب في مصلحة السكوت، ليس خوفا أو جبنا و لكن حفظا للكرامة و لقيمته العقلية حتى لا يحسب من ضمن من يركبون الأمواج، فالنبي صلى الله عليه و آله و سلم يقول: على العاقل أن يكون بصيراً بزمانه ، مقبلاً على شأنه ، حافظاً للسانه ، فإنّ من حسب كلامه من عمله قلّ كلامه إلاّ فيما يعنيه. 1
أحيانا كثيرة تتزاحم ردات الفعل القلبية و العقلية داخل الشخص تأثرا بالصورة العامة لرأي تم الترويج له حكوميا أو شعبيا و يكون الغالب على أمر ما أو قضية مع علمه يقينا أو منطقا بأن ما يتداول هو خطأ سلوكي أم فهمي بعد التحليل و التمحيص فيبدأ يستفهم عن الفعل الترتيبي لهذا الأحساس، أهو الكلام أم السكوت، إبداء الرأي لمن لا يتعدى اسمتاعه له طبلة الأذن و لا يرتب عليه قرار أو أثر أو موقف أم يحتفظ به حتى يجد من يعيه، و أحيانا كثيرة جدا تكمن الإجابة في قول للإمام علي عليه السلام حينما قال " جُمع الخير كلّه في ثلاث خصال : النظر ، والسكوت ، والكلام ، فكلُّ نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو ، وكلُّ سكوت ليس فيه فكر فهو غفلة ، وكلُّ كلام ليس فيه ذكر فهو لغو ، فطوبى لمن كان نظره عبراً ، وسكوته فكراً ، وكلامه ذكراً ، وبكى على خطيئته ، وآمن الناس شره" 2 و بالتالي ينتابني السكوت أمام غالبية الناس و يصبح الكلام مصبوبا أمام مجموعة محدودة بناءا على طبيعة المجموعة، فأنا مثلا لا أخوض في مواضيع الكيمياء مع الغالبية الساحقة ممن تربطني بهم علاقة رحمية كانت أم صداقة، و بالتالي بات الرأي العام بأنني إنسان صامت كتوم، فالصمت عادة يسود المواقف بمجرد وضع نقطة عند آخر كلمة في آخر جملة من الحديث، طبعا هذا بالنسبة للحياة بصورتها الطبيعية و ليست الإستثنائية، أي بتوالي البرنامج اليومي لا باللقاء السنوي
أحيانا يفسر مجتمعنا المريض فكريا السكوت بأنه ضعف أو تخاذل و يتجاهل أمور كثيرة منها بأن الكلمة كالنبتة و لكل نبتة أرضها و مناخها و غرسها حتى تؤتي أكلها، و أحيانا أخرى تجد السكوت عند البعض ما هو إلا نتيجة تخاذل أمام أمور و قضايا واضحة كوضوح الشمس، و لكن حماية للنفس و لمصالح معينة يكون السكوت الطابع السلوكي لهم، عندما أجد نفسي بين هذه و تلك أرجح السكوت لأن صدى الكلمة معدوم نهائيا، مثال على ذالك كثرة الكذب في الأجهزة الإعلامية كلها و الظهور العلني به من قبل أشخاص مسؤولين سياسيا أم علميا أم وظيفيا أم غير ذالك، كثيرا ما أجد صوتا يصدع داخلي في حق أحدهم يصرخ قائلا (يا لك من كذاب أشر) و لكن لا يتعدى دوي هذه الصرخة صدري فالإمام علي عليه السلام يقول "تلافيك ما فَرَط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك ، وحفظ ما في الوعاء بشدّ الوكاء"3
المضحك أيضا انك تجد نفسك أحيانا في مواقف مؤلمة حقيقة، مواقف تفرضها عليك ظروفا اجتماعية أو سياسية أو غيرها تجعلك تستشف النظرة التقليلية أو الاسترخاصية للإنسان و عقله و قيمته، الأمثلة على ذالك كثيرة، منها التصريحات المتعلقة بالتعليم و التلوث الكيميائي و النووي و بهلوانيات السياسة من الحكومة و أعضاء مجلس الأمة، فيخرج لك مثلا شخص يتكلم عن الوضع التعليمي و أنت توقن بان هذا الشخص لا يعرف كوعه من بوعه في المجال التعليمي، لأن التعليم بحسب رأيه قراءة و كتابة، و الشهادة العلمية هي تحصيل تأهيلي لتولي وظيفة عملية، تجد كل كذبة تترى أخرى و آلاف الأيادي تدمى من التصفيق، فتقول: أأتكلم كي يراني الناس متكلما كهذا أم أحتفظ بقيمة كلامي لنفسي حتى لا أهين نفسي بأن أكون ندا و طرفا مناوئا لإمعة كهذا، ف "الكلام في وثاقك ما لم تتكّلم به ، فإذا تكلّمت به صرت في وثاقه ، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك ، فربّ كلمة سلبت نعمة ولا تقل ما لا تعلم ، فإنّ الله سبحانه قد فرض على جوارحك كلّها فرائض يحتجّ بها عليك يوم القيامة. هانت عليه نفسه من أمّر عليها لسانه.. ومَن كثُر كلامه كثر خطاؤه ، ومَن كثُر خطاؤه قلّ حياؤه ، ومَن قلّ حياؤه قلّ ورعه ، ومَن قلّ ورعه مات قلبه ، ومَن مات قلبه دخل النار" 4 كما قال الإمام علي عليه السلام و قد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أيضا أنه قال" ما عُبد الله بشيء أفضل من الصمت ، والمشي إلى بيته" 5 و قد يتساءل البعض عن كيفية تحقق ذالك فيجدها في تجنب الكذب و الغيبة و النميمة و القذف و الإفتراء و السباب و اتباع الهوى غير ذالك مما قد توقع به كثرة الكلام
قد يشكل البعض على ما قد سبق ذكره عن طريق الرجوع إلى ما ورد عن الإمام علي عليه السلام حينما قال "تكلموا تعرفوا" فأقول، الأصل في العملية هو الكلام بعد استيفاء الشروط و غياب ملزمات السكوت سابقة الذكر، و نجد هذا المعنى أيضا في إجابة الإمام زين العابدين عليه السلام عندما سئل ذات مرة عن الكلام والسكوت أيّهما أفضل ؟.. فقال "لكلّ واحدٍ منهما آفات ، فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت ، قيل :كيف ذلك يا بن رسول الله (ص) ؟!.. قال : لأنّ الله عزّ وجلّ ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت ، إنّما بعثهم بالكلام ، ولا استحقّت الجنّة بالسكوت ، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت ، ولا تُوقّيت النار بالسكوت ، إنّما ذلك كلّه بالكلام ، ما كنت لأعدل القمر بالشمس ، إنّك تصف فضل السكوت بالكلام ، ولست تصف فضل الكلام بالسكوت" 6 و أين هي السلامة في الكثير من القضايا المطروحة في مختلف الساحات في حياة الإنسان في يومنا هذا بعد المرور ببعض الأفكار التي أسلفنا ذكرها
أخيرا، أنا لا ألوم نفسي على السكوت، فالكلام دون ترتيب فعل عليه حماقة لأنه لا يتعدى أصوات ساكني الفلوات، و أختم بما قال الإمام الرضا عليه السلام"من علامات الفقه : الحلم ، والعلم ، والصمت ، إنّ الصمت باب من أبواب الحكمة ، إنّ الصمت يُكسب المحبة ، إنه دليل على كل خير" 6 ولا أسمح لنفسي بالإنخداع بالصياح و الصراخ و كلام يدغدغ الآذان و المشاعر، و أختم بهذه الرواية الطريفة

دخل كثير على عبد الملك بن مروان ، فقال عبد الملك بن مروان"أأنت كثير عزة؟" قال"نعم"، قال"أن تسمع بالمعيدى خير من أن تراه"، فقال"يا أمير المؤمنين، كل عند محله رحب الفناء، شامخ البناء، عالى السناء،

ثم أنشأ يقول

ترى الرجل النحيف فتزدريه...... وفى أثوابه أسدهصـــور
ويعجبك الطرير إذا تــراه .....فيخلف ظنك الرجل الطرير
بغـاث الطير أطولها رقابا .....ولم تطل البزاة ولا الصقور
خشـاش الطير أكثرها فراخا .....وأم الصـقر مقلات نزور
ضعاف الأسد أكثرها زئيرا .....وأصرمها اللواتى لا تزير
وقد عظم البيعر بغير لبٍ ......فلم يستغن بالعظم البعير
ينوَّخ ثم يضرب بالهراوى ......فلا غِيَر لديه ولا نكير
يقوِّده الصبى بكل أرض .......وينخره على الترب الصغير
فما عظم الرجال لهم بزينٍ ........ولكن زينهم كرم وخير
فقال عبد الملك: لله دره، ما أفصح لسانه، وأضبط جنانه، وأطول عنانه! والله إنى لأظنه كما وصف نفسه
----------------------------------------
(1) معاني الأخبار ص334 ، الخصال 2/104
(2) أمالي الصدوق ص18
(3) نهج البلاغة 2/51
(4) روضة الواعظين
(5) الخصال 1/19
(6) الاحتجاج ص172
(7) أمالي القالي
الطرير: هو الشخص ذو المنظر والرواء والهيئة الحسنة
البغاث: الضعاف من الطير الذي لا يستطيع أن يصطاد
خشاش الطير: صغارها
النزورن الأنتى التي لا تكاد تلد أو تفرخ
الجرير: الحبل
الهراوي: العصي

Thursday, October 1, 2009

غزل القلوب

يا ترف ، يا ِمِْرخـِي(ن) جفنه على بارق العين
و بدلال يتمخطر، شروى الريم حول العين
ليتك ترسل الطرف و صوبي تدور العين
و ترحم قليب(ن) نظى من نار حسنك ِمبطي
أشر، تراني عليك يا أريش العين ما ابطي
ترى الجود فخره بحسن ماجود بثناياك مو بطي
عيز ينادي القلب و لا من سين تسبق الميم و العين