يعتبر المجتمع الكويتي من المجتمعات المحصورة ضمن نطاق اجتماعي بحيث لا يخفى فيه حدث ذو صدى مهما كانت صورته سوءا سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ففي كثير من الأحيان ترى التلاعب بالقصص و الأحداث و القضايا رؤى العين و تشهده بحواسك، و ترى التفاعل بوجهه العام يتسع قطره شيئا فشيئا و كأنه موجة اهتزازية، فعلى سبيل الثال لا الحصر يظهر تجلي هذا السلوك بعظمته في نسب البطولات و ابتداع قصص و روايات بأحداثها و أشخاصها، و لنأخذ فترة الإحتلال كمرحلة عاصرناها بكل جوانيبها و أعقده و لم تصل إلينا عن طريق امهات الكتب، كذب محض تتناوله الألسن و تتشدق به و تدافع عنه بشراسه، و ألحق بذالك البطولات و الإنجازات و ترانيم المدائح التي تلته إلى يومنا هذا لأشخاص في جميع الميادين، و مع هذا كله أحيانا كثيرة و كثيرة جدا يجد المرء نفسه تنتابه حالة تجبره على السكوت و عدم التعليق أو الإدلاء بأي رأي سواءا سلبا أم إيجابا، و ذالك لأن المرء أحيانا يجري دراسة ماسحة للمتلقين فيخلص بنتيجة تكون دائما تصب في مصلحة السكوت، ليس خوفا أو جبنا و لكن حفظا للكرامة و لقيمته العقلية حتى لا يحسب من ضمن من يركبون الأمواج، فالنبي صلى الله عليه و آله و سلم يقول: على العاقل أن يكون بصيراً بزمانه ، مقبلاً على شأنه ، حافظاً للسانه ، فإنّ من حسب كلامه من عمله قلّ كلامه إلاّ فيما يعنيه. 1
أحيانا كثيرة تتزاحم ردات الفعل القلبية و العقلية داخل الشخص تأثرا بالصورة العامة لرأي تم الترويج له حكوميا أو شعبيا و يكون الغالب على أمر ما أو قضية مع علمه يقينا أو منطقا بأن ما يتداول هو خطأ سلوكي أم فهمي بعد التحليل و التمحيص فيبدأ يستفهم عن الفعل الترتيبي لهذا الأحساس، أهو الكلام أم السكوت، إبداء الرأي لمن لا يتعدى اسمتاعه له طبلة الأذن و لا يرتب عليه قرار أو أثر أو موقف أم يحتفظ به حتى يجد من يعيه، و أحيانا كثيرة جدا تكمن الإجابة في قول للإمام علي عليه السلام حينما قال " جُمع الخير كلّه في ثلاث خصال : النظر ، والسكوت ، والكلام ، فكلُّ نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو ، وكلُّ سكوت ليس فيه فكر فهو غفلة ، وكلُّ كلام ليس فيه ذكر فهو لغو ، فطوبى لمن كان نظره عبراً ، وسكوته فكراً ، وكلامه ذكراً ، وبكى على خطيئته ، وآمن الناس شره" 2 و بالتالي ينتابني السكوت أمام غالبية الناس و يصبح الكلام مصبوبا أمام مجموعة محدودة بناءا على طبيعة المجموعة، فأنا مثلا لا أخوض في مواضيع الكيمياء مع الغالبية الساحقة ممن تربطني بهم علاقة رحمية كانت أم صداقة، و بالتالي بات الرأي العام بأنني إنسان صامت كتوم، فالصمت عادة يسود المواقف بمجرد وضع نقطة عند آخر كلمة في آخر جملة من الحديث، طبعا هذا بالنسبة للحياة بصورتها الطبيعية و ليست الإستثنائية، أي بتوالي البرنامج اليومي لا باللقاء السنوي
أحيانا كثيرة تتزاحم ردات الفعل القلبية و العقلية داخل الشخص تأثرا بالصورة العامة لرأي تم الترويج له حكوميا أو شعبيا و يكون الغالب على أمر ما أو قضية مع علمه يقينا أو منطقا بأن ما يتداول هو خطأ سلوكي أم فهمي بعد التحليل و التمحيص فيبدأ يستفهم عن الفعل الترتيبي لهذا الأحساس، أهو الكلام أم السكوت، إبداء الرأي لمن لا يتعدى اسمتاعه له طبلة الأذن و لا يرتب عليه قرار أو أثر أو موقف أم يحتفظ به حتى يجد من يعيه، و أحيانا كثيرة جدا تكمن الإجابة في قول للإمام علي عليه السلام حينما قال " جُمع الخير كلّه في ثلاث خصال : النظر ، والسكوت ، والكلام ، فكلُّ نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو ، وكلُّ سكوت ليس فيه فكر فهو غفلة ، وكلُّ كلام ليس فيه ذكر فهو لغو ، فطوبى لمن كان نظره عبراً ، وسكوته فكراً ، وكلامه ذكراً ، وبكى على خطيئته ، وآمن الناس شره" 2 و بالتالي ينتابني السكوت أمام غالبية الناس و يصبح الكلام مصبوبا أمام مجموعة محدودة بناءا على طبيعة المجموعة، فأنا مثلا لا أخوض في مواضيع الكيمياء مع الغالبية الساحقة ممن تربطني بهم علاقة رحمية كانت أم صداقة، و بالتالي بات الرأي العام بأنني إنسان صامت كتوم، فالصمت عادة يسود المواقف بمجرد وضع نقطة عند آخر كلمة في آخر جملة من الحديث، طبعا هذا بالنسبة للحياة بصورتها الطبيعية و ليست الإستثنائية، أي بتوالي البرنامج اليومي لا باللقاء السنوي
أحيانا يفسر مجتمعنا المريض فكريا السكوت بأنه ضعف أو تخاذل و يتجاهل أمور كثيرة منها بأن الكلمة كالنبتة و لكل نبتة أرضها و مناخها و غرسها حتى تؤتي أكلها، و أحيانا أخرى تجد السكوت عند البعض ما هو إلا نتيجة تخاذل أمام أمور و قضايا واضحة كوضوح الشمس، و لكن حماية للنفس و لمصالح معينة يكون السكوت الطابع السلوكي لهم، عندما أجد نفسي بين هذه و تلك أرجح السكوت لأن صدى الكلمة معدوم نهائيا، مثال على ذالك كثرة الكذب في الأجهزة الإعلامية كلها و الظهور العلني به من قبل أشخاص مسؤولين سياسيا أم علميا أم وظيفيا أم غير ذالك، كثيرا ما أجد صوتا يصدع داخلي في حق أحدهم يصرخ قائلا (يا لك من كذاب أشر) و لكن لا يتعدى دوي هذه الصرخة صدري فالإمام علي عليه السلام يقول "تلافيك ما فَرَط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك ، وحفظ ما في الوعاء بشدّ الوكاء"3
المضحك أيضا انك تجد نفسك أحيانا في مواقف مؤلمة حقيقة، مواقف تفرضها عليك ظروفا اجتماعية أو سياسية أو غيرها تجعلك تستشف النظرة التقليلية أو الاسترخاصية للإنسان و عقله و قيمته، الأمثلة على ذالك كثيرة، منها التصريحات المتعلقة بالتعليم و التلوث الكيميائي و النووي و بهلوانيات السياسة من الحكومة و أعضاء مجلس الأمة، فيخرج لك مثلا شخص يتكلم عن الوضع التعليمي و أنت توقن بان هذا الشخص لا يعرف كوعه من بوعه في المجال التعليمي، لأن التعليم بحسب رأيه قراءة و كتابة، و الشهادة العلمية هي تحصيل تأهيلي لتولي وظيفة عملية، تجد كل كذبة تترى أخرى و آلاف الأيادي تدمى من التصفيق، فتقول: أأتكلم كي يراني الناس متكلما كهذا أم أحتفظ بقيمة كلامي لنفسي حتى لا أهين نفسي بأن أكون ندا و طرفا مناوئا لإمعة كهذا، ف "الكلام في وثاقك ما لم تتكّلم به ، فإذا تكلّمت به صرت في وثاقه ، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك ، فربّ كلمة سلبت نعمة ولا تقل ما لا تعلم ، فإنّ الله سبحانه قد فرض على جوارحك كلّها فرائض يحتجّ بها عليك يوم القيامة. هانت عليه نفسه من أمّر عليها لسانه.. ومَن كثُر كلامه كثر خطاؤه ، ومَن كثُر خطاؤه قلّ حياؤه ، ومَن قلّ حياؤه قلّ ورعه ، ومَن قلّ ورعه مات قلبه ، ومَن مات قلبه دخل النار" 4 كما قال الإمام علي عليه السلام و قد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أيضا أنه قال" ما عُبد الله بشيء أفضل من الصمت ، والمشي إلى بيته" 5 و قد يتساءل البعض عن كيفية تحقق ذالك فيجدها في تجنب الكذب و الغيبة و النميمة و القذف و الإفتراء و السباب و اتباع الهوى غير ذالك مما قد توقع به كثرة الكلام
قد يشكل البعض على ما قد سبق ذكره عن طريق الرجوع إلى ما ورد عن الإمام علي عليه السلام حينما قال "تكلموا تعرفوا" فأقول، الأصل في العملية هو الكلام بعد استيفاء الشروط و غياب ملزمات السكوت سابقة الذكر، و نجد هذا المعنى أيضا في إجابة الإمام زين العابدين عليه السلام عندما سئل ذات مرة عن الكلام والسكوت أيّهما أفضل ؟.. فقال "لكلّ واحدٍ منهما آفات ، فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت ، قيل :كيف ذلك يا بن رسول الله (ص) ؟!.. قال : لأنّ الله عزّ وجلّ ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت ، إنّما بعثهم بالكلام ، ولا استحقّت الجنّة بالسكوت ، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت ، ولا تُوقّيت النار بالسكوت ، إنّما ذلك كلّه بالكلام ، ما كنت لأعدل القمر بالشمس ، إنّك تصف فضل السكوت بالكلام ، ولست تصف فضل الكلام بالسكوت" 6 و أين هي السلامة في الكثير من القضايا المطروحة في مختلف الساحات في حياة الإنسان في يومنا هذا بعد المرور ببعض الأفكار التي أسلفنا ذكرها
أخيرا، أنا لا ألوم نفسي على السكوت، فالكلام دون ترتيب فعل عليه حماقة لأنه لا يتعدى أصوات ساكني الفلوات، و أختم بما قال الإمام الرضا عليه السلام"من علامات الفقه : الحلم ، والعلم ، والصمت ، إنّ الصمت باب من أبواب الحكمة ، إنّ الصمت يُكسب المحبة ، إنه دليل على كل خير" 6 ولا أسمح لنفسي بالإنخداع بالصياح و الصراخ و كلام يدغدغ الآذان و المشاعر، و أختم بهذه الرواية الطريفة
دخل كثير على عبد الملك بن مروان ، فقال عبد الملك بن مروان"أأنت كثير عزة؟" قال"نعم"، قال"أن تسمع بالمعيدى خير من أن تراه"، فقال"يا أمير المؤمنين، كل عند محله رحب الفناء، شامخ البناء، عالى السناء،
ثم أنشأ يقول
ترى الرجل النحيف فتزدريه...... وفى أثوابه أسدهصـــور
ويعجبك الطرير إذا تــراه .....فيخلف ظنك الرجل الطرير
ويعجبك الطرير إذا تــراه .....فيخلف ظنك الرجل الطرير
بغـاث الطير أطولها رقابا .....ولم تطل البزاة ولا الصقور
خشـاش الطير أكثرها فراخا .....وأم الصـقر مقلات نزور
ضعاف الأسد أكثرها زئيرا .....وأصرمها اللواتى لا تزير
وقد عظم البيعر بغير لبٍ ......فلم يستغن بالعظم البعير
ينوَّخ ثم يضرب بالهراوى ......فلا غِيَر لديه ولا نكير
يقوِّده الصبى بكل أرض .......وينخره على الترب الصغير
فما عظم الرجال لهم بزينٍ ........ولكن زينهم كرم وخير
فقال عبد الملك: لله دره، ما أفصح لسانه، وأضبط جنانه، وأطول عنانه! والله إنى لأظنه كما وصف نفسه
----------------------------------------
(1) معاني الأخبار ص334 ، الخصال 2/104
(2) أمالي الصدوق ص18
(3) نهج البلاغة 2/51
(4) روضة الواعظين
(5) الخصال 1/19
(6) الاحتجاج ص172
(7) أمالي القالي
الطرير: هو الشخص ذو المنظر والرواء والهيئة الحسنة
البغاث: الضعاف من الطير الذي لا يستطيع أن يصطاد
خشاش الطير: صغارها
النزورن الأنتى التي لا تكاد تلد أو تفرخ
الجرير: الحبل
الهراوي: العصي
من علامات الفقه : الحلم ، والعلم ، والصمت
ReplyDeleteكافية
أحيانا يكون الصمت أفضل من الكلام
ReplyDeleteو قد يراه البعض بانه ضعف
لأن المفاهيم تغيرت
وأصبح الثرثار هو العالم بكل الامور
ولكن يمكن كشفه اذا توجه اليه سؤالا
لأنه لا يستطيع الاجابه
مع العلم بان الكثيرين لا يرون ذلك
الا مع مرور الوقت
حسب الموقف و نتائجه يمكن للفرد اي يحدد الكلام او السكوت
استـر النفس ما اسـتطعت بصـمت ان في الصمـت راحـة للصموت
واجعـل الصمت ما قـدرت جـوابا رب قـول جــوابه في السكـوت
Salah
ReplyDeleteحبيب يا بوصلوح
والدينا و والدينك و والدين كل مسلم إن شاء الله
إي والله يا حجي، و المشكلة إن هذا السلوك صار دارج على المسامع و كأنه أمر طبيعي
عليه و على الميامين ولده الصلاة و السلام
الله يسلمك و يسلم غليينك من الشر
سعدنا باعجابك
دمت و الأهل و الأحبة برعاية الله