لي علاقة وطيدة جدا بالشعر الحضرمي و إعجاب شديد به و خاصة ما خلفه الشاعر المعروف حسين أبوبكر المحضار من قصائد رائعة و متنوعة حقيقة، الكثيرون عرفوه من خلال الأغاني و رددوا أشعاره طربا دون أن يغمسوا رؤوسهم بمعاني قصائده، بل هزوها و ارتجفت أكتافهم دون أن يفقههوها، و لو عرفوا ما حمل الكثير منها من معان لدمعت عيونهم و اضطربت نفوسهم من المقاصد التي رمت إليها كمية لا بأس بها من القصائد، اشتهر الشاعر بالترميز في قصائده و أجاده ، من يجهل الأدب و أدواته لا يستطيع تقييم القطع الأدبية إطلاقا و لذالك كثر " الزفن" و ندر التفكر
إلى الآن تتساءل عزيزي القارئ عن العلاقة التي يريدها بو محمد أن تقوم ما بين المقدمة و عنوان المقال و دعني هنا أذكر لك قصيدة من قصائده التي لطالما هزت الأبدان و لم تحرك عقولا جمدت، و سأحاول قدر الإمكان شرح المعان و الأبيات على فقرات و أترك لكم تحديد العلاقة
يقول بن محضار
بشيش عا أم اللبن ومنيحة الاطفال
تحملت شي فوق طاقتها من الاثقال
بركت وعزوها الرجال
ومكانها تظلع
تداركها بكيه من مكاويك
لي ماكوى فوق البخص بلاش كيه ماياثر فيك
رفقا بناقتنا الحلوب مصدر خيراتنا (الوطن)، فهي أم مرضعة مانحة مؤثرة محبة لأطفالها، قد قاست ما فاق تحملها من الهموم و الآلام طوال حياتها مما أجهدها و أقعدها حتى رثاها الرجال ، حيث باتت تعرج ، فيا من تحاول علاجها عليك بكيها (كناية عن استنفاذ سبل العلاج) و ليصب كيك مكان الألم حتى يكون مؤثرا، فإن لم يكن على خفها فلن يكون مؤثرا
على حسب وصف الناس قالوا تسبق الخيال
وتعقب الراكب ولايتعب بها جمال
لكن أولاد الحلال
طلعوا بها برع
ويبغوها مطيه للصعاليك
لي ماكوى فوق البخص بلاش كيه ماياثر فيك
لطالما وصفها الناس بالسبق و النشاط حتى أنها باتت تسابق الخيل، و كم كانت هي مطيعة تابعة لقائدها فلا توهنه بتاتا، و لكن هناك من استغل طبيعتها المسالمة و خرجوا بها عن هذه الطبيعة المميزة حين أرادوها مطية حتى للذين لم يعرفوا قيمتها و لم يحملوا أي قيمة من قيم النبالة فأساؤوا لها و أرهقوها و أتعبوها و أهزلوها و آلموها، فليكن كيك أيها المعالج مصيبا لمكان الألم
مابايخطمها علي مادمت حي دلال
ماباسمع فيها كلام الخصم والعذال
باحط وباشد الرحال
قبل القمر يطلع
بها بسري وساعة يصرخ الديك
لي ماكوى فوق البخص بلاش كيه ماياثر فيك
لن أقبل بإرضاخها عنوة طالما كنت حيا عاقلا مدركا، و لن يؤثر على عقلي الوشاة و أصحاب العداء، و سأعمل على الدأب على البحث عن علاجها دون كلل أو ملل طاويا الأراضي و الزمن لأن من لا يعالج موضع الداء لن يؤثر علاجه
بصبر عليها سال وادي سر او ماسال
من أجلها بعبر حسر ماتنعبر وجبال
في الشمس بادعس والظلال
وفي السمر بقطع
وكود الراك يلقي لك مساويك
لي ماكوى فوق البخص بلاش كيه ماياثر فيك
سأتحلى بصبر عظيم و سأتحمل العناء العظيم في السراء و الضراء و في أحنك الظروف و أضنكها هو هو الحال في وقت التنعم، و سأعبر من أجلها سهل الأراضي و أكثرها وعورة، و لن أضيع أي وقت للاسترخاء و الراحة و لن أحقر مجهودا لعلي أصل إلى نتيجة طيبة كما هو الحال حين تجمع المساويك من عيدان الأراك عل ذالك يوصلني إلى التوفيق لتعيين مكان العلة فأعالجه
كان هذا شرحا موجزا بسيطا قدر الإمكان للجزء الأكبر من القصيدة، و لكن و للأمانه هذا الشرح ما زال قاصرا، فكما قلنا، القصيدة تحمل الترميز و شرحها أعمق و أطول و أتمنى أن تلاقي صدا في نفوس من يفتحون لمعانيها أبوب الحياة
____________
بشيش : شوي شوي (بشويش)، مهلا مهلا
منيحة: واهبة معطية
تظلع: الظلع هو عرج الإبل
البخص: الطبقة الشحمية التي يتكون منها خف البعير
يخطمها: الخطم هو ربط البعير من أنفه
وادي سر: من أحول الوديان في حضرموت و تهطل عليه الأمطار صيفا
حسر: المناطق المكشوفة
علاقتي بالشعر كعلاقتي بالسوشي
ReplyDelete