كان لي صديق تشابهنا أنا وهو بالإسم و الروح و القلب، و لكن تباينا في أمور أخرى كثيرة، هو واحد من ضمن المجموعة التي ينطبق عليها القول القائل "رب أخ لك لم تلده أمك"، كنا جالسين ذات مرة عند عتبة بيتهم و إذا بأبيه رحمة الله عليهما و قد أتى من المسجد، و ما أن وصل عندنا حتى وقفنا و ألقينا عليه السلام فرده و نظر إلينا و قال"فلان و فلان، الله خلق و فرق" يقصد واحد يجابل و الثاني يعابل، "ما تقول حق صاحبك يفج كتابه شوي و يفيد روحه"، فتبسمنا نحن الإثنين و هم صاحبي قائلا" يبه مو العلم نور؟" فرد والده قائلا"بلى" فأكمل صاحبي استفهامه قائلا "مو النور من الكهربا؟" "فرد والده قائلا "بلى" فقال صاحبي " و الكهرباء خطر، فتجنب العلم" فرد والده قائلا"يالله اقبض" و أخذنا نخن الثلاثة نقهقه حتى أنني شرقت من شدة الضحك
كلما اشتقت لنقاء الحياة أطلقت أعنة أفراس الذكريات و تركتها تسابق الريح نحوهم، منهم من أبعدتنا عنهم المسافات و منهم من أبعدتنا عنهم الأقدار و أخذ الله أمانته منهم، ودعتهم بالأحضان و ها هي الأرض تحتضنهم، و من الذكريات التي أسرح بها أحيانا هذه القصة التي ذكرتها
أدقق بآيديولوجية صديقي بعمق فأجد أنها تطبق و بكثرة في حياتنا، مفاهيم صحيحة سليمة تستخدم لإثبات فكرة خاطئة تماما يستند عليها الكثيرون من أصحاب الرأي و القرار و النفوذ في إقناع الجماهير بأطروحاتهم و أفكارهم و تبربر أعمالهم و أخطائهم و إهمالهم و تسيبهم، و في تخدير العقول أو تهييجها إن دعت الحاجة و استخدامهم كسلاح، لأنها عادة تكون مصحوبة برنين إعلامي آخاذ، في حين أن كل الحقائق و الاستدلالات تنفي وقوع أو حتى النية لتفعيل الإيجابي منها أو معالجة السلبي منها، و الأمر ليس مقصورا على العلم فقط، بل الحياة بجميع جوانبها السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي بما يشمل تجاهل تام للمعنى الحقيقي للحقوق الشعبية المكفولة بمبدأ المواطنة و ذالك عن طريق ربط المصلحة العامة بمجموعة مصالح شخصية فيتشكل بذالك المفهوم العام خادما لمفاهيم صغيرة أخرى، مثال على ذالك سعي الدولة لتطوير الإقتصاد في حين أنها لا تمتلك محطة كهرباء تعول عليها ،ناهيك عن الفوضى العارمة في شتى المجالات، و ارتباط أي محاولة لصعق الحركة الإقتصادية بقرارات وزارة التجارة و سوق الأوراق المالية و غرفة التجارة و الباقي عليك عزيزي القارئ، و الحل بكل بساطة دائما ياتي بإثارة شعارات براقه أو أخرى تناحرية تشغل هذا بذاك حتى باتت البلادة سمة و الركود وصف و هيجان الناس مرتبط بقال فلان عن فلان و وصف فلان فلانا و قضايا البلد الحيوية محل نسيان و تجاهل و خارج نطاق الإهتمام، فهي لها ناسها و لكل جانب منه عرابه، و مجرد محاولات الإشارة إلى محال الخلل و السعي للتعديل تثير عوافير مهلكة و ترك الأمر كما هو عليه أسلم، حتى أصبح الأمر تماما كمسرح الدمى، "فالعلم نور و النور من الكهرباء و الكهرباء خطر، فتجنب العلم" رحمة الله عليك و على كل المسلمين إن شاء الله
انتخابات مجلس الأمة و المجلس البلدي حاليا لها ميزة خاصة عندي هذه المرة، تتمثل بمعرفتي بمرشحين عدة تختلف أطيافهم و لكن معرفتي بهم هي ذات معرفتي بأن الماء النقي عديم اللون و الطعم و الرائحة، و بالتالي فهي مبنية على معرفة دقيقة بفكرهم و أطروحاتهم و تحركاتهم و توجهاتهم السياسية لأنني عاصرتهم عن قرب شديد أثناء مراحل مختلفة و في مواقع مختلفة، و لذالك بمجرد متابعتي لتصريحاتهم و ندواتهم و مقابلاتهم أكتشف و بسرعة قياسية أنهم يطبقون آيديولوجية صديقي، مجموعة جمل و أطروحات تصاغ بطريقة ساحرة توهم بحقيقة دامغة و لكنها في النهاية عبارة عن كذبة هم أصلا، تستعمل لتطمير من يراد تطميره أو ما يراد تطميره أو يستعملها من يريد تطمير نفسه، مثال على ذالك التكلم عن احترام القانون و الهجاء الحاد لمبدأ التمصلح و الواسطة مثلا و هم ممن داس على القانون أو دعوني أقول سخره لخدمته عن طريق الواسطة، أخيرا، محاولة إثبات أن الشمس مصدرا للنور محاولة فاشلة "فالعلم نور، و النور من الكهرباء، و الكهرباء خطر، فتجنب العلم" رحمة الله على من قالها و على أرواح جميع المسلمين
انتهى
الله يرحمه ويرحم موتى المؤمنين والمؤمنات
ReplyDeleteأحسنت بو محمد
أبدعت
ReplyDeleteمن ذكرى تداعب كل ذكرياتنا المنسيه
لفكرة تطوعها لبداية ذكيه
لواقع مؤلم نفتقد فيه من ينظر للحقائق بروية وموضوعية
:)
فشكرا لك ابو محمد
الله يحفظك
و ما أرى كل قوم ، ضل رُشُودهم
ReplyDeleteإلا نظير النصارى أعظموا الصلبا
هي المشكلة في أن المجتمع عنده قدرة على هضم هؤلاء مع علمه بضعف امكانيتهم ، و لكن يقبلونه لانهم لا يريدون أكثر من شعارات ترتفع بالهواء و تسطر بالجرائد
هم مثل ما قال أبو العلاء في بيته أعلاه أضل رشدهم انهم انشغلوا في تعظيم الصليب بدلا من الانشغال في "معناه" و الذي عندنا انشغلوا بالشعارات بدلا من معانيها !!
رحمهمها الله ، و سائر موتى المؤمنين برحمته الواسعة
الموت حق علينا جميعا
ReplyDeleteوذكريات الايام الحوة ستبقى في البال
تساهم في ان نتذكر الدعاء لهم
الله يرحم موتانا وموتاكم
ولكن سردك وطريقة كتابتك للبوست
جميلة جدا
:)
دمت بالف خير
اعجبتني الايديلوجية كما رأيتها
ReplyDeleteقد تحتاج افكارنا لاعادة صياغة جديدة
ربما للتصحيح
او لمواكبة العصر
سلمت يمناك
تقبل مروري
Manal
ReplyDeleteأكيد اختي و لا مفر منه
و كلامج حق و الله اختي
رحم الله موتى المسلمين جميعا
آمين ري العالمين
شكرا جزيلا اختي، و يسعدنا أن تجدوا فيها ذالك
:-)
دمت و الأهل و الأحبة برعاية الله
-----
sara
مروركم دوما محل تقديرنا و اعتزازنا أختي
اسمحي لي أن أخالفك الرأي مع الإحتفاظ بالأخترام المطلق له و لشخصك الكريم
:-)
الآيديولوجية قائمة أصلا على استخدام الحقائق لتمرير أكاذيب أو أخطاء
و بالتالي فهي باطلة كتطبيق حسبما أراها لأنها أساسا على الخداع
أفكارنا فعلا تحتاج إلى ما تفضلت به مشكورة أختي
دمت و الأهل و الأحبة برعاية الله