مقدمة
نهوى البساتين و شم الرياحين، و نشتاق للجمال بين الحين و الحين، نعانق الزهر بنظراتنا، و نستنشق العطر بأنفاسنا و زفراتنا، نتغنى بالجمال و نفتن بعبيره، ونتلذذ بسحره وسطوة آثاره، نمشي بين أزهاره، ننحني، نشتم تلك الزهرة، و نملأ صدورنا بأريجها، فيحكي اللسان قصة عشق معها، و أجمل تلك البساتين هي التي يسبح أثرها بدمائنا، فترد روعتها قلوبنا و عقولنا، تزيدها جمالا و صحة و إشراقا فتصبح البسمة غير مفارقة لشفاهنا و الفرحة ملازمة للحظاتنا
الفكرة
لقد قررت أن أبدأ موضوعا ارأيت فيه الفائدة لشخصي و أرجوا من الله جل و علا أن تعم الفائدة و نخرج منها بنتيجة جماعية و فائدة عظيمة نستفيد منها و ننقلها لغيرنا
المحور الزمني
مفتوح، و لكن البداية فقط ستطرح لارتباطنا بالعودة لأحضان الوطن حيث سيتم التوقف لزمن و لكن ستستمر الخطوات في تلك الحدائق تقودوني من بستان لآخر، و أرجوا من الله جل و علا أن يصاحبني في رحلتي هذه من يود ذالك
البداية
تعتبر النصيحة من أثقل ما يرد على الكثيرين، لأنهم يرون فيها تقييدا للحريات و تجاوزا على العقول و المعتقدات، و لكن يرى البعض الآخر فيها تهذيبا للخلق و بسطا للطرق و إنارة للفكر و استفادة عظيمة يتزود منها الإنسان لمجابهة الحياة بظروفها و مواقفها و أحداثها بطريقة تكفل له نجاة من الوقوع في المحضور الدنيوي و الأخروي
سأبدأ بسلسلة أسميتها "حدائق الحكمة"، و هي عبارة عن مجاميع من نصائح و وصايا للقمان عليه السلام لولده، و هو الذي آتاه الله الحكمة " وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً " صدق الله العظيم، و البغية من ذالك هي السير نحو التهذيب للنفس لعلي أحضى بتوفيق الرحمن سبحانه و تعالى فأكون شيء من ذالك المخلوق الذي استخلفه الله على الأرض و حمل الأمانة التي أشفقت منها الجبال الرواسي، و أكون أشبه بومضة من نور نقي مقتبس من نور الحق الذي رزقه الله لصفوة عباده الذين هم عبرة و دليل و طريق ممهدة إلى الورود إلى ساحة الرحمة الإلهية بإذنه تعالى
و قبل الخوض بتلك الوصايا، أود التنويه بأن ما سأورده من رؤى تحليلية ما هو إلا محض آرائي الشخصية دون الاستناد لمصادر أهل العلم و السبب في ذالك ليس لتجاهلها، حاشا لله ،و لكن أردت أنهاك عقلي بالتعمق بها حتى أجبر نفسي على النفع و الإستزادة، للعلم أهله و لست أدعي بأنني منهم، و لكنني وددت أن أختبر نفسي و أهزمها بما سأملأ به العقل و القلب إن شاء الله، و لسنا هنا بصدد مجابهة أهل العلم أو التملق عند أحد أو نسب ما ليس لنا إلينا، فقد و رد عن رسول الله (ص) أنه قال "من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء ويصرف به وجوه الناس اليه أدخله الله النار" و لكنني أسعى لإمداد قلبي بما يحمله على أن يعي حقيقة وجوده " فالقلوب أوعية و خيرها أوعاها" كما ورد عن الإمام علي (ع) و أبواب التعليق مفتوحة على مصراعيها للإستزادة و الاستفادة من آرائكم و إن طلبي ملحوق بإلحاح، فلنملأ عقولنا و قلوبنا من ينابيع الحكمة و فكر بناء و لستفيد و نقف إخوة و أخوات أمام هذه الدنيا و نائباتها
و كبداية و لضيق المقام، سأتناول نصيحة واحدة اليوم فقط و إن شاء الله سيتم تناول مجموعات قد جمعتها مسبقا
ورد عن لقمان عليه صلوات الله و سلامه و هو يوصي ابنه أنه قال "يا بني، إياك و الكذب، فإنه يفسد عليك عند الناس مروءتك، و يضع منزلتك، و يضيع جاهك، فلا يسمع أحد منك إذا حدثت، و لا يصدقك إذا قلت، و لا خير لك في الحياة إذا كنت كذالك، و إذا اطلع الناس على ذالك في أمرك ثم صدقت اتهموك و حقروا شأنك، و أبغضوا مجلسك، و أخفوا عنك أسرارهم، و ختموا حديثهم عنك و كتموه، و حذروك في أمر دينهم، و لا يأمنوك في شيء من أحوالهم، و هذه حالتك في قلوب الناس، و أكبر من ذالك مقت الله و عقوبته في الآخرة" و من هنا نرى بأن للكذب أثرا اجتماعيا واضحا في خلق عزلة عند أهل الحق، ناهيك عن الجانب الشرعي أو الديني فهو ليس محل للبحث هنا لانه من المسلمات التي لا ينكرها أحد، و لكن ما تشمئز منه النفس هو أن يعتبر الكذب حذلقة أو ذكاءا يستخدم في عصرنا هذا كأداة و اسلوبا ذكيا لتسيير الأمور و التعامل خاصة مع البسطاء من الناس حتى تسلب حقوقهم و يتم الاستحواذ على مستحقاتهم أو النجاة من عقاب أو تحريف أسباب أو المجاملة أو المحاباة، و كنتيجة أصبح صفة نجدها و نمر بها كل يوم فلا نستغرب منها
كان هذا تعليقا مختصرا لما نالته مقدمة الموضوع من سرد و لما حملت الوصية من وضوح مطلق، فلتجبر النفس و ليقهر اللسان على الصدق ففيه سبب لنيل رضى الله عز و جل و ثقة البشر، و هذه أول زهرة ترقص لها الروح فرحا و بهجة و سرورا
بوصلوح
ReplyDeleteو أنت من المحسنين ٌن شاء الله عزيزي
و إن شاء الله نوفق للبقية و نحسن الطرح، و كما ذكرت في الموضوع، لا غنى لنا عن تحاليلكم و تعليقاتكم الثرية
دمت بحفظ الله عزيزي
-----
كله مطقوق
بو سلمى العزيز
قد أدرك سبب التباس لقمان عليه السلام بسليمان عليه السلام، فقد ورد أن لقمانا كان كثير التردد على داود عليه السلام و مناصحته، و سليمان عليه السلام هو ابن داود عليه السلام
و أما عن لقمان عليه السلام فقد اختلف فيه
فقيل : انه كان حكيما ولم يكن نبياً عن ابن عباس وأكثر المفسرين
وقيل : انه كان نبيا
وقيل : انه كان عبداً أسوداً حبشياً غليظ المشافر مشقوق الرجلين في زمن داود عليه السلام
وقال له بعض الناس : ألست كنت ترعى الغنم معنا فمن أين أوتيت الحكمة ؟ قال: أداء الأمانة وصدق الحديث والصمت عما لا يعنيني
وقيل : انه كان ابن أخت أيوب
وقيل : ابن خالته
و قد ورد عن الرسول (ص) : لم يكن لقمان نبياً ولكنه كان عبداً كثير التفكر حسن اليقين ، أحب الله فأحبه ومنّ عليه بالحكمة
و مما لا شك فيه، أنه كان من خلص و خيرة عباد الله سبحانه و تعالى و حكيما و هناك كما نعلم سورة كاملة في القرآن الكريم باسمه و أوردت حكمته
أتمنى أن أكون قد وفرت إجابة شافية نوعا ما لتساؤلك عزيزي
دمت بحفظ الله
دائمآ حكيم يا بومحمد
ReplyDeleteسورة لقمان بالقرآن الكريم هل ترتبط بالعقيدة والتفكر بالخالق عز وجل
هذيان
ReplyDeleteهلا اختي
ليتني كنت كذالك أختاه
ورد عن المصطفى (ص) أنه قال
"الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها"
أنا أسأل الله أن يتقبلني عنده من المؤمنين أولا
ويني و وين الحكمة، نحن نقترب من أهلها لعلنا نقتبس من وميضها و بريقها ما يسمو بنا ألى ما هو قريب منهم
:-)
أما بالنسبة لسورة لقمان عليه السلام فهي كما تفضلت تعالج موضوع العقيدة، وتعنى بالتركيز على أصول ثلاثة لعقيدة الإِيمان وهي "الوحدانية، والنبوة، والبعث والنشور" حسب ما أورد العلماء كما هو الحال في السور المكية
أحسنت أختاه و تقبلي شكري و دمت بحفظ الله
ماكس
ReplyDeleteأحسنت أخي على ذكر الآيات الكريمة
فعلا لها كما لغيرها من ينابيع الطهارة من آي الذكر الحكيم في قلوبنا عظيم الأثر في شفاء صدورنا، مكانك محجوز طال عمرك و كل الإخوة و الأخوات في القلب و الحدائق إن شاء الله
دمت بحفظ الله و رعايته
رجل يحمل مشاعر
ReplyDeleteحياك الله و حيا الجميع أخي العزيز، و شكرا جزيلا على الإثراء، و أحسنت على إضافاتك
دمت بحفظ الله