قال الإمام زين العابدين يوماً لأصحابه:"إخواني، أوصيكم بدار الآخرة، ولا أوصيكم بدار الدنيا؛ فإنكم عليها حريصون وبها متمسكون، أما بلغكم ما قال عيسى بن مريم للحواريين، قال لهم: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها، وقال: أيكم يبني على موج البحر داراً، تلكم الدار الدنيا فلاتتخذوها قرارا"

Monday, June 30, 2008

كلام


من يزور الغروب يصير القلب فزاع
يلهج بحروف اسمك يناديك
يتمتم بلسان الكرى و من الشوق مرتاع
و لا يقدر يطفي نيران شوقه لملاقيك
هايم مثل بوم فاقد دقل و شراع
يترقص على وجه الموج قاصد طواريك
و العقل بين وديان الفكر ضاع
ينشد عنك و يدور محاريك
و العين من فقدها جفنها التاع
و دمعها بكثير السيل شاريك
الدهر بسيوف الهم لحشاك قطاع
يالغريب و محد من حولك يطببك و يداويك
نبع الكدر له غديت جراع
تغرف منه و تسقي روحك بأياديك
حتى الليل مل منك و صار بياع
من تقبل عليه بدموعك يخليك
تسلي خاطرك و تلبس له قناع
كود يخفي الذكرى و يواريك
ما تركد النفس و لا الحال طاع
كل ما تظن إنك طويته يطويك
قضيت عمرك تدرج من قاع إلى قاع
مالك غير رب الملا وحده يواسيك
يالله هذا عبدك لرحمتك جاع
يطرق بابك يا مجيب يقصد عطايا أياديك
فكني من جور من هو للعدل باع
يا راحم العين الباكية حين ترجيك

Monday, June 23, 2008

النصر


الشعور بنشوة النصر شعور عظيم تهيج معه مهج الأنام، و تفرح به حتى الأنعام، و لكل منا صورة يرى فيها النصر، فالتاجر يرى الربح في تجارته نصرا، و الفارس يرى في هزيمة نده نصرا، و العالم يرى في نتائجه نصرا، و هكذا، و الجدير بالذكر هنا أن النصر لطرف يكون دائما مقترن بهزيمة طرف آخر، فلا بد من وجود نوعا ما من الخسارة لطرف حنى تترجم كربح لطرف آخر، و لكن متى يكون الخاسر رابحا و الرابح خاسرا؟؟، استفهام برد إلى ذهني بين الفينة و الأخرى و أتفكر به و أحاول بعقلي المتواضع تحليله، و للوصول للإجابة ارتأيت تحليل السؤال إلى ثلالث عناصر هي
طرفا الإلتحام
القضية محل النزاع
الميدان
و بذالك تكون النتيجة معقولة على الأقل كما يراها عقلي المتواضع
و من خلال ذالك رأيت بأن شرط صحة الإستفهام يتحقق عندما يلتحم المرء في معركة مع نفسه بكل طاقته و عدته و كل طاقاتها و عدتها بحيت يتنازع الطرفان على قضية محل استحسان أو استهجان النفس (نفس لوامه أو نفس امارة بالسوء) و ميدان ذالك الإلتحام هو الحياة، تثار فيها أضرى المعارك و أشرسها، و متى ما انجلت غبرة ذاك الصراع وقف الجسد إما ضاحكا متبسما أو حزينا دامعا، فالفرح و الحزن هنا مقترن أحدهم بطبيعة النفس و درجة سيطرتها على العقل و القلب ، و من خلال ذالك نرى انتصار النفس هو خسارة فعلية لصاحبها إن كانت أمارة بالسوء و العكس يصح إن كانت لوامه، و لا انتصار أعظم من انتصار لما يرضي الله مقابل كبر ابن آدم
ذات مرة، قصدني أحد عمال النظافة في مقر عملي عندما كنت في الكويت و هو يرتجف خوفا و ارتباكا و طلب مني أن أصاحبه لأرى أمرا ما، و عندما فعلت رأيته يقودني إلى خارج المبنى باتجاه الحديقة حيث رأيت زميله واقعا على الأرض وهو يئن أنينا شديدا و الدماء تسيل من كفه بغزارة و آلة قص الحشائش تعمل بالقرب منه، فسألته عن الأسباب فأجابني الرجل الذي قصدني بأن زميله كان يقص الأعشاب و لكن الآلة توقفت لتجمع الحشائش بين أسنتها بكثرة فأراد إزالتها فأزالت الآلة اصبعان من أصابعه اللذان كانا ملقيان بالقرب منه، فهرولت مسرعا إلى الإدارة حيث رأيت جلالة و عظمة المدير واقفا و حوله بوتقة من "العجافة و الجمبازية" فتوقف و أخبرتهم بما رأيت و هرول الجميع إلى موقع الحادث، و بدلا من تخفيف آلام الرجل، لم أسمع إلا "انت اشلون تسوي جذي" " انت أثول؟" " ما اتفكر" فأصابتني حالة من الضجر اقتادتني بقوة تجاه سيارتي اللتي صاحب صوت توقف إطاراتها التفاف أعناقهم ناحيتها، فحملت الرجل الملقى على الأرض و طلبت من زيله الركوب و هرعت إلى أقرب مستشفى
عندما كنت جالسا في المستشفى أتاني زميل الرجل المصاب و طلب مني البقاء معهما لأن مندوب الشركة سيأتي حتما و سيتم توبيخ الرجل المصاب و سلب حقه و معاقبته فأجبته، و بينما أنا جالس أراقب اقتياد الرجل ناحية غرفة العمليات و إذا بالمندوب قد حضر، يخاطب الرجل المصاب بكل استهزاء و تحقير و لوم، فثارة ثائرتي و ذهبت ناحيته و قلت له: من أنت؟، فرد علي السؤال، فقلت أنا الذي أحضر هذا الرجل، فقال، المعذرة على جرك لموقف كهذا و لكنه (أي الرجل المصاب غبي) اذهب إلى عملك و سأتابع الموضوع، فرفضت و قلت له، ألست من البشر يا هذا؟ ، لم لا تراعي آلام الرجل؟ فقال: و من انت حتى تكلمني بهذه اللهجة، الأمر لا يعنيك و لا دخل لك به و نحن سنجازيه على اهماله و من الأفضل لك أن تنسحب من الموقف (وكان يخاطب مدير عام الشركة على الهاتف) ، فقلت: شوف مو انت و لا اللي كنت تكلمه بالتلفون، قول له يقول لك فلان الفلاني "اللي ما تطوله بيدك واصله بريلك، شعره من هالريال ما تجيس و ايدك و ايده أكسرهم إن شفت واحدكم مقرب صوبه" فتركته و ذهبت إلى مكتب المحقق و عرضت عليه الموضوع بحذافيره و نصحني بالذهاب إلى أقرب مخفر بعد خروج العامل من العمليات و تقديم بلاغ إصابة عمل على الفور،فشكرته بعمق وطبقت كل نصائحه و فعلا قمت بكل ما أرشدني لفعله و أعانني الإخوة في المخفر الذين أسأل الله أن ينير دروبهم و يحفظهم من كل سوء، و رفعت قضية ضد الشركة و كانت ثمرتها أن حصل العامل المسكين على مبلغ لا بأس به تعويضا عن إصابة و عاهة دائمة " فقد اصبعين" ما كان ليحصل عليه لو بقي يعمل في الكويت 20 سنة و ذهب إلى بلاده معززا مكرما و يحمل في يده بما تبقى بها من أصابع ثروة لعياله و أهله تكفل لهم عيشا هنيئا إن شاء الله
كانت هذه إحدى المواقف التي شعرت بها بحلاوة النصر على من التم حول المسكين حين وقع و على من أراد أن يسلبه حقه

Wednesday, June 18, 2008

ثرثرة

الذات كما أراها و ليس كما فسرتها العلوم النظرية، فلسفية كانت أم كلامية ، هي كيان ليس بحسي يخلق داخل الإنسان و تصقله الحياة باحداثها و لحظاتها و عواملها و مؤثراتها حتى تجعل منه منافسا داخليا نعيش معه بصراعات قد تنتهي بترويضه أو الخنوع و الخضوع لسيطرته، متلون و محترف في اغراءاته هذا الكيان، فقد يعشق المرء منا ذاته و يصبح قيد تصرف إغراءات هذا الكيان، حب الذات منبوذ عند جمهور العقلاء و لكنه يعطى صفة التقبل و الإنصاف عند اهل الهوى و الرغبات، قبيح في تصرفاته و وحش قي افتراساته، لا يميز بين القوي و الضعيف، الطفل و الشيخ، رقة المرأة ونفحاة جمالها أو شموخ و كبرياء الرجال، طريقه سلكها الكثيرون و معرفته لا يفقهها إلا المجربون، يبتلع كل المكارم و يحرق جل العزائم، قوي صلب شديد في تعامله، لا يغفر لعاشقه الزلة، و يعمي البصر و البصيرة عن مواضع العلة، يحمل فكر عاشقه على التفاضل، و يجمل في عينه كل التبذل و التحايل، و لكن مع كل هذا فهو حين يحاول أن يلبس ثوب الشموخ تجد في رضوخ، يشكو الوهن، وموؤود مقيد مسلسل من زمن إلى زمن، أين و عند من و بم؟
في قلب ورده الإيمان، و عند من حقر نفسه بين يدي الرحمن و باع الدنيا و طلب الجنان، فمن يرى نفسه ضئيلا ذليلا أمام الله تجده شامخا يحضن الكون بين ذراعيه وقلبه مملوء بحب البشر إن برد الحال أم استعر، يقف أمام شاهق الجبال، يخاطبه، كم يرى فيك البشر من عظمة و كم يهابون كيانك، و لكن لا تنسى يا جبل، مهما زاد شموخك و علا كيانك فقد ارتقى قمتك الإنسان و بت تحت نعله و قدمه، و أصبح ذاك مكانك
كانت هذه حزمة من السطور، قادتني إلى الظهور