قال الإمام زين العابدين يوماً لأصحابه:"إخواني، أوصيكم بدار الآخرة، ولا أوصيكم بدار الدنيا؛ فإنكم عليها حريصون وبها متمسكون، أما بلغكم ما قال عيسى بن مريم للحواريين، قال لهم: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها، وقال: أيكم يبني على موج البحر داراً، تلكم الدار الدنيا فلاتتخذوها قرارا"

Monday, August 9, 2010

حتى الدبش

ليتك سائله عن الوضع السياسي عندنا، جان شقح السور و انطحك نطحه تنسيك حليب أمك اللي رضعته، هذا إذا راضع منها 


Tuesday, July 13, 2010

بوضوح و اختصار و صراحة

باتت الحياة هذه الايام أكثر التباسا على المرء من كثرة الغوغاء التي تتشبع بها على مختلف المستويات و في جميع الميادين، و باتت الروية في بناء الرأي و الحكم على مختلف أمورها مطلب لا غنى عنه ، و بات التمحيص في التشخيص منجاة لصاحب العقل و ميزة عن صاحب الهوى ، إذ أصبح التلبس بالصفات و اضدادها من أسهل الأمور و أيسرها
 أنقل إليك عزيزي القارئ جزءا من إحد ما يروى من وصايا الإمام علي بن أبي طالب لولده الحسن عليهما السلام، و كم هي مشكاة تلك الكلمات لكثير من مواضع العتمة، كما يستلهم منها ععقلي الصغير جدا على أقل اعتبار

ورد في الرواية عنه عليه السلام أنه أوصى ولده الحسن عليه السلام في إحدى الوصايا  فقال

"كيف بك إذاصِرتَ في قوم صبيهم غاوٍ ، وشابهم فاتك ، وشيخهم لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عنمنكر ، قد استحوذ عليه هواه ، وتمسك بعاجل دنياه ، لا يهابون إلا من يخافون لسانه، ولا يكرمون إلا من يرجون نواله ، لا يسمعون دعاء ، ولا يجيبون سائلاً ، قداستولت عليهم سكرة الغفلة ، وغرّتهم الحياة الدنيا ، إن تركتهم لم يتركوك ، وإنتابعتهم اغتالوك ، إخوان الظاهر ، و أعداء السرائر ، يتصاحبون على غير تقوى ، واذاافترقوا ذم بعضهم بعضا ، تموت فيهم السنن ، وتحيا البدع ، فكن عند ذلك (في الفتنة،بحسب رواية أخرى) يا بني كابن اللبون لا ظهر فيركب ، ولا ضرع فيحلب ، ولا وبرفيسلب، وما طلابك لقوم إن كنت فيهم عالماً عابوك ، وإن كنت جاهلاً لم يرشدوك ، وإنطلبت العلم قالوا متكلف ، وإن تركت طلب العلم قالوا عاجز ، وإن تحققت لعبادة ربكقالوا متصنع ، وإن لزمت الصمت قالوا ألكن ، وإن نطقت قالوا مهذار ، وإن أنفقتقالوا مسرف ، وإن اقتصدت قالوا بخيل"


معان بعض المفردات


صبيهم: الصَّبْوَة:جَهْلَة الفُتُوَّةِ واللَّهْوِ من الغَزَل، ومنه التَّصابي والصِّبا. صَباصَبْواً وصُبُوّاً وصِبىً وصَباءً
والصِّبْوَة:جمع الصَّبيِّ، والصِّبْيةُ ، لغة، والمصدرالصِّبا. يقال: رأَيتُه في صِباهُ أَي في صِغَرِه
غاوٍ: الغَيُّ:الضَّلالُ والخَيْبَة. غَوَى، بالفَتح، غَيّاً وغَوِيَ غَوايَةً؛ الأَخيرة عن أَبيعبيد: ضَلَّ
ورجلٌ غاوٍ وغَوٍ وغَوِيٌّوغَيَّان: ضالٌّ
شابهم: الشَّباب: الفَتاء والحداثةُ.شبَّ يشِبُّ شباباً وشبيبةً، و الشباب: جمع  شابٍّ، وكذلك الشُّبان
شيخهم: الشيْخُ: الذي استبانتْ فيه السن وظهرعليه الشيبُ؛ وقيل: هو شَيْخٌ من خمسين إِلى آخره؛ وقيل: هومن إِحدى وخمسين إِلى آخر عمره؛ وقيل: هو من الخمسين إِلى الثمانين
إبن اللبون: إبن الناقة إذا استكملسنتين
تابعتهم: تَبِعْتالقوم تَبَعاً وتَباعةً، بالفتح، إِذا مشيت خلفهم أَو مَرُّوا بك فمضَيْتَ معهم
اغتالوك: غالهالشيءُ غَوْلاً واغْتاله: أَهلكه وأَخذه من حيث لم يَدْر
ألكن: اللُّكْنَة:عُجْمة في اللسان وعِيٌّ. يقال: رجل أَلْكَنُ بيِّنُ اللَّكَن
مهذار: الهَذَرُ: الكلام الذي لا يُعْبَأُ به. هَذرَ كلامُههَذَراً: كثر في الخطإِ والباطل، مهذار : كثير الكلام و الهذر

معان المفردات مصدرها كتاب قاموس العرب  

Friday, June 25, 2010

زهيرية - الجليب و البحر

جليب، كل من يزعب و يكب في البحر ِمنه
جن (كن) البحر عطشان  و جن الجليب فايض َمنه
و من تنشف القلبان يهيج البحر و ينسى ال ِمنه
يا ساقي المالح ، حلو ٍ سقيناك ماينا
و الطيب و الوفا تراه من صوبكم ما يانا
ظلايم دوم تسقينا و تقول ماي ينه (جنة 
نارك تجوينا يا زفر مره منه و مره  ِمنه

Tuesday, June 15, 2010

القراءة -اهتمام

تم التعرض سابقا لمفهوم القراءة و تم التوصل لخلاصة واضحة و هي أن مجتمعنا على النحو الأعم لا الأخص في هذا المقام أنه مجتمع تطغى عليه صفة الجهل في القراءة بحيث تغيب بمفهومها الدقيق عن كونها سمة لأفراده، فقراءة الكلمات و الجمل و الفقرات بل حتى المجلات و الكتب ليست بقراءة بالمفهوم العقلي ما لم يترتب عليها أثر فكري أو علمي
و هنا أسلط الضوء على بعض الأمور بشكل أقل ما يوصف بسريع أو دون الملخص حتى و أوعز \الك لضيق المقام المكاني و الزماني بل حتى العطائي، بل أذهب حتى إلى التخصصي، لأن المسألة من وجهة نظري الحقيرة المتواضعة محل بحث أرجوا أن يصبه أهله من أصحاب أحرف ال "د." و "الغتر المنشاة" من وراء مكاتبهم الأنيقة و كراسيهم الفخمة في أقسام علوم الإجتماع و النفس و قسم التربية و التعليم في ما يسمى اصطلاحا بجامعة الكويت و الخيئة العامة للتعليم التطبيقي بدلا من الإنشغال بانتخابات أعضاء هيئات التدريس و لجانها و المطالبات المستمرة بالزيادات و الكوادر
أقول
مررت بموضوع طرحه الأخ العزيز الزميل فريج سعود ذات مرة و كان عبارة عن عرض لعينات محدودة جدا و لكنها تمثل بشكل دامغ السواد الأعظم من اهتمامات قراء الصحف و سأتجاوز هنا لأشمل بها القراء بدائرة أوسع من فئات عمرية مختلفة، قد يشكل أحد ما بالقول بأن بناء رأي أو الإتيان بخلاصة تستند على مساحة محدودة من المعطيات لا يبني قاعدة، و لكن لو ربطنا هذا بمعطيات الجهاز الإعلامي و الدور الإجتماعي الغائب للمؤسسات التعليمية و نظام مراقبة و تنقيح الكتب و تصاريحها و مخرجات التعليم و تحليل الهوية الفكرية العامة للمجتمع و فوق ذالك كله تعمد تهميش  العقل  المنتج في المجتمع و كبح جماح ابداعه و الحرص على التقليد الثقافي العقيم الذي يساهم بموازنة قوى معينة من مصلحتها إن تتوالد الشرائح الإجتماعية دون هوية فكرية أو عقلية حتى لا تقيم النظام الفكري العلمي الأصولي و تتمرد عليه، إن تمكنا من دراسة هذه المعطيات بشكل تحليلي دقيق لاستطعنا أن نصل إلى هذه الخلاصة و هي أن شبابنا أمي ثقافيا و علميا و طاقته كلها مستهلكة في سخافات حياتية لا قيمة لها، و انحراقات فكرية بمختلف أنواعها
عندما تكون أكثر مادة مقروءة في صحيفة ما هي على سبيل المثال لا الحصر من قبيل " إصابة أحلام بفيروس نادر" يقف عندها المتابع ليحلل بأن المتابعة مثلا كانت لمعرفة نوع الفيروس و خصائصه الحيوية و تفاعله الكيميائي مثلا مع الخلايا الحية أو طبيعته امثلا، و لكن جل التركيز على الأرجح ينصب في بعد لا يتعدى أن مغنية مصابة بفيروس قد يكون اسمه كذا كخبر أو معلومة تدخل في محادثة أو رسالة نصية عبر الهاتف أو ايميل ، لأن ذالك يمكن ربطه مع ما قد نجده في معطيات الأجهزة الإعلامية التي تتابع ما جرى على أنف المغنية الفلانية و فستان الممثلة العلانية و زواج الإعلامية كذا، و قد فاق الأمر ذالك حتى أستبدل الساسة و علماء الفلسفة و الإجتماع و علم النفس و غيرهم بالممثلين و المغنيين ليدلوا بآرائهم التي يتبناها الكثيرون، العجيب أن تسمع من شخص مثلا يقول بأن ممثلوا هوليوود يقومون بذالك و يتناسى الفارق في الدرجة العلمية ما بين شخص تلقى تعليما أكاديميا و اطلاعا و بين شخص لا تتعدى معلوماته العلمية عن النص الحواري المكتوب من شخص ما، شعب تهمه شفاه فلانه و تسريحة فلان و كيف فقدت فلانة ذالك الوزن الرهيب و كيف نمى فلان عضلاته شعب لا يرتجى من ورائه مستقبل علمي أو فكري
صورة أخرى من صور النسيج الفكري هم من اعتادوا على مبدأ تعلم نطق الحروف بتشكيلها و ما يلقنه المدرس في الفصل حتى أصبح جامعيا ينظم جدوله بطريقة تكفل له تناول وجبة الإفطار في مطعمه المفضل و تسليم موضوع البحث لأحد محلات "بحوث لجميع المواد" التي يدفع ثمنها لمحل ما ليحملها إلى دكتور المادة حتى يصبح مآلها سلة المهملات، و من ثم ينخرط في العمل الطلابي فالنقابي فالسياسي و ينظر و يصرخ و يطرح قلسقات و أطروحات سياسية و اقتصادية و علمية جاهلة سخيفة و لكن انتماءه الإجتماعي يكفل له أن يقف له الآلاف المؤلفة مصفقة تقول "و الله بطل" " و الله يقول الحق" و هم مثله و من نفس السنخية على الأغلب و ليس الأعم، تتلقى كلاما تمضغه فتستسيغ طعمه فتلوكه حتى تهضمه دون أن يكون للعقل دور في كل هذا، بل الهوى هو القوة المحركة الوحيدة، مجتمع هش كلمة من شخص تلهبه و تقلبه عن بكرة أبيه، كائنا من كان المتكلم وطرحه، الذي على الأعم الأغلب طرح غير بناء و بأسلوب غير علمي و المضحك المؤلم في نفس الوقت أن هذا الفكر يسوق له بين شرائح المجتمع سواء بالتأثير السلبي و أعني هنا الإثارة ضده أو الإيجابي و أعني هنا التأثر به
نسمع كثيرا عن مصطلح "الإعلام الفاسد" ، و على الإغلب ممن هم أفسد من الإعلام الفاسد نفسه، و قد يتساءل البعض عن علاقته بالقراءة، هناك تعبير بلاغي يستخدم في حالة تحليل الأحداث و هو استخدام كلمة "قراءة" الحدث، الحدث ليس مادة مكتوبة، بل فعل مرتبط بفاعل و بزمان و مكان و سبب و نتيجة، و لكنه يقرأ من باب التحليل العقلي، أي محاولة ربطه بمعطيات فكرية أو علمية تفنده و تحلله لعناصره و عوامله الأولية حتى تتم معرفة طبيعتيه التأثيرية و تبعاته، أول صورة من صور الإعلام الفاسد هو إعلامنا الرسمي، لأنه يخضع لأهواء و ليس أفكار، يسير بحسب رغبة من يخشى وزير الإعلام استجواباتهم و يفتقر أقلة عندي مصداقية الطفل الصغير، لأنه بدون هوية فكرية، أما الإعلام الخاص فهذا آفة الآفات، إعلام "كم بلغت أرباح السنة" دينه و ديدنه الدينار، و سلوكه بني على الغاية تبرر الوسيلة، و عرف طريق الوصول لألباب الشباب، برامج عقيمة سخيفة قائمة على الفن و أهله، و على الجنس و توابعه، و اللجوء إلى "هراء" سياسي يشغل أوقات الناس و يستقطب من لم يتم استقطابه
سؤال أتوجه به إلى نفسي أحيانا، لماذا تحتاج الدولة إلى رقابة على الكتب التي تدخل البلد، هل يقوم هذا العمل على أساس محاولات وقائية لتجنيب النشأ و المجتمع بصورة أعم أفكارا هدامة مثلا تغير من صفوه و تلاؤمه أ, تنخر بدنه الثقافي؟؟ إن كان السبب هو ما سلف فتعسا لهكذا فكر، نحن ندخل الشبكة العالمية و نرى الكثب من كل مضرب و مشرب، لكل ملة و نحلة علمية و فكرية و عقدية بحقولها و أنواعها، ، أما السبب الحقيقي برأيي هو الإعتقاد بامكانية التحكم بنوعية الفكر الذي قد يستقبله القارئ و خلق هوية عقلية للقارئ تستهجن و تلغي كل فكرة لم "تلقى" عليه من أي سلطة كانت، سواءا سياسية أو فكرية، بهذا مورس الحجر على الفكر و أصبح التحكم به سهلا، تماما كحيتان "سي وورلد" و دلافينه، تسبح و تتشقلب و تأخذ السمكة و تتلقى التصفيق ، كل هذا وفق صفارة المدرب و في ضمن نطاق حوض محدود المسافة لا محيط ترسل الأبصار و لا تدرك نهاية أفقه، مجتمع يتعلم من كتاب الأعمدة و الصحف و خطابات أعضاء مجلس الأمة و الندوات الممتزجة بالمصالح السياسية، مجتمع تعلم على تلقي معلومة دون تحليل أو نقاش، مجتمع أحادي المصدر مستهجن للفكر المخالف و إن صح، لا يتابع العلوم إطلاقا و يتابع التكنولوجيا عن طريق إكسسواراته الشخصية من هواتف و غير ذالك، مجتمع تعود على البلادة في العطاء، فإذا كان السواد الأعظم لشرائح المجتمع بهذه الصور التي رأيناها و ما زلنا نراها فرداءة الحال أمر طبيعي و متوقع


أقف هنا، و ألجم حصانا جامحا و أترككم مع


في رائعته 'انطونيو وكليوباترا' تناول أمير الشعراء أحمد شوقي معركة أكتيوم من منظور نقد الدعاية السياسية المضللة، ولكن هذه المرة ضد كليوباترا وعشيقها اللذين حاولا، على الطريقة العربية، تصوير هزيمة أكتيوم على أنها نصر مؤزر، وجعلوا الشعب معتز بنفسه فرحا محتفلا بانتصار زائف لأسطوله، سهل الانقياد سريع التصديق لكل ما يقال ، و في حوار بين اثنين يقول شوقي


أنظر الشــعب أخانا كيف يوحون إليــه

ملا الجو هتافـــــا بحياة قـاتليـــه

أثر البهتان فيـــــه وانطلى الزور عليــه

يـاله من ببغــــاء عقله في أذنيــــه



الدعاية لها الصور كلها و وليست السياسية فقط

Wednesday, June 2, 2010

القراءة - قدرة

مفهوم القراءة
يمكن أن نعرف القراءة بأنها تكثيف الحواس والعقل والذاكرة عن طريق الاستعانة بمصادر متنوعة للحصول منها على زخم معرفي كماً وكيفا بحيث يتناسب هذا الزخم مع القدرات الذاتية من أجل تكامل أهداف الاستيعاب والفهم والوعي.  المصدر
و في نظرة أخرى لمصطلح أو مفهوم القراء من الناحية الحسية ممكن تعريفها أنها ترجمة الرموز المكتوبة إلى كلمات منطوقة. والربط بين الرمز المكتوب ومدلوله أي: معناه الذهني ، وهي بهذا المفهوم عملية مركبة تشترك فيها العين وهي وسيلة التفرقه بين رمز مكتوب وأخر،  واللسان وهي أداة النطق ، والعقل وهو أداة إدراك المعاني.
كان مفهوم القراءة محصورا في العملية الآلية: إدراك الرمز المكتوب والنطق به ، وكانت القراءة غاية في ذاتها بمعنى أن الإنسان يتعلم ليقرأ  ،،،، ولكن المفهوم التقليدي تطور وأصبحت القراءة وسيلة لا غاية بمعنى أن الإنسان  يقرأ ليتعلم .
 وفرق هائل بين المفهومين حيث أصبحت القراءة بالمفهوم الحديث مفتاح للعلوم المختلفة فالإنسان يقرأ ليتعلم ويتفاعل مع المقروء ويتأثر به فمثلا سائق السارة الذي يقرأ لافته مكتوب عليها ممنوع الوقوف ثم يقف متجاهلا .........لم يتأثر ولم يتفاعل مع ماقرأه بالإستجابة... المصدر
و من خلال ذالك نجد أن القراءة لها أبعاد خمسة أحدها حسي و البقية إدراكية (توسعة مدارك القارئ)و هي
 1. تعرف الحروف والكلمات والجمل والعبارات والنطق بها. (الآلية  الحسية للقراءة)
 2. استيعاب و فهم المادة المقروءة.
 3. تحليل و تقد المادة المقروءة.
 4. ترتيب الأثر عن طريق استخدام القراءة في حل المشكلات.
 5. تقييم المادة المقروءة و الاستمتاع بها، وحسن تذوقها.

نحن نقفز من العنصر الأول إلى العنصر الخامس دون المرور بالثاني و الثالث و الرابع، ففهم المادة المقروءة يتطلب أمور عدة منها تسخير الوقت و الجهد في التمعن و التدبر و البحث إن طلب الأمر، و هنا يقع إشكال آخر و هو قابلية سوء فهم المادة المقروءة و احتمالية عدم فهمها إطلاقاهذا من ناحية، و من ناحية أخرى نجد الكثيرين لا يتمتعون بأريحية تدفعهم للإعتراف بقصور فهمهم و التوجه بالسؤال لأهل الإختصاص (و المراد هنا أهل المعرفة من أهل الإختصاص لا أهل الجهالة منهم) أو التسليم للطرح كون مصدره يتحلى برسمة معينة علمية كانت أو غيرها، أو أنهم يستنكرون السؤال إما كسلا أو استحياءا، أو أنهم لا يسألون إطلاقا لأن تأسيسهم التعليمي بني على التلقي المجرد من المتكلم دون نقاش موضوعي أو حتى تساؤل عفوي
عند الحديث عن عملية نقد المادة المقروءة فإنه جدير بنا التنويه إلى أنها عملية مترتبة على فهم المادة المقروءة و إلا فالنقد هنا غير موضوعيا و لا علميا و إنما عبثا، كما هو الحال الآن في كثير من المواضع  و المناسبات، نجد أن النقد يوجه لآراء و أطروحات و حتى حقائق دون أن يبنى على معرفة مسبقة بل هوى أو لملمة لبعض الأفكار من هنا و هناك ممن يدعي المعرفة، لأن أهلية التقييم أساسا مفقودة و بالتالي معرفة و تمييز الغث من السمين غائبة  أو مبهمة، فالكل يطرح و الكل يعرض و ميزان القبول و الرفض و التقيم و النقض هو الهوى و لا سواه
و النقد ينقسم إلى قسمين، نقد العرض و نقد الأطروحة، نقد العرض هو نقد الفكرة بمختلف زواياها، مثلا، طريقة عرضها و الأسلوب المستخدم لتبيانها و الاستدلالات المستخدمة لدعمها و تقييم ارتباطها بالكل الواحد للموضوع، و أما نقد الأطروحة، و هو نقد لب و أساس الفكرة أو النظرية أو المادة المعروضة، و قد تكون هذه المادة مدعمة بابحاث و تجارب إما محدودة النطاق أو متسعته، و أحد الأمور الملاحظة على ساحة القراء عندنا أنهم يتجهون إلى نقد الأطروحة مع فقدانهم الأهلية العلمية لذالك، أو تمتعهم بإلمام محدود بجوانبها و حتى جوانب حقلها، و إن كان من المنتقدين من يحمل شهادة عليا، هذا ليس عذرا عند أهل العلم الحقيقيين، لأن حمل الشهادة العليا لا يوجب الإلمام التام و لكن يحقق إلمام إلى حد معين في جزئية معينة في حقل معين من علم معين أعطيت عليه الدرجة العلمية، و هي ليست صكا لعصمة علمية أو حصانة فكرية، فعندما نسمع أو نرى شخصا يتكلم في قضية معينة في مجال معين في حقل معين في علم معين يجب علينا نقد و تحليل ما يطرحه حتى نستطيع أن نأخذ منه ما نجهله، فنحن عندما نحمل أساسيات معينة و نرى المتكلم يخالفها فكيف لنا أن نأخذ منه ما نجهله إن كان يخلط بديهيات العلم أو الطرح الذي يمثله و يبتخبط بها، و هنا قد يثار تساؤلا و هو هل المطلوب هو خوض كل بحور العلم و الإطلاع عليها و الجواب هو أنه إن تعذر ذالك فالمقدار البسيط من ضروريات العلوم مطلوب حتى نستطيع تمييز الغث من السمين أقلة من خلال أسلوب عرض الفكرة و مصادرها و ربطها ضمن توليفة فكرية، و يجب الإعتراف هنا أن المقام ضيق و المسألة تحتاج إلى إسهاب و تفصيل، و الخاتمة هنا هي أنه إذا وردت عليك معلومة عزيزي القارئ من أي شخص كائنا من كان، وافقت فكرته أو لم توافق و استهجن هضم معلومة ما منه أو أشكل عليك أو عليه بها فعليك بالبحث عن مدى صحتها، فإن كانت خطأ فبها و نعمة و رسخت فكرتك الأصلية في ذهنيتك التي عارضاه بها أساسا، و أما إن صحت عنه المعلومة بعد البحث فقد صححت معلومة في ذهنيتك و زدت من علمك و أهليتك في التقييم و القرار و البناء، و قد يولد هذا البحث فتح آفاق أخرى تضيء مسالك عدة، فلا تتزمت في فكرتك و تجعل هواك لا عقلك محرك سلوكك العلمي و العملي و تفقد بالتالي قدرتك على التقييم الصحيح و تأهيلك للبعد الرابع
أما العامل الرابع فدرجة تحقيقه مقرونة بدرجة تحقيق ما سبقه من العوامل و البنود، فهو يؤهل القارئ و لو لدرجة بسيطة من ترتيب نتيجة مستخلصة من قدر اطلاعه و قدرته على النقد و البحث، و هذه النتيجة قد تكون على أضيق الحدود بحيث تقتصر على السلوك الشخصي، و قد تتسع دائرة تأثيرها شيئا فشيئا حتى تشمل الأسرة و المحيط و المجتمع و قد تفوق ذالك إلى آفاق أخرى أوسع
و من خلال ما تم عرضه في هذه المقدمة البسيطة جدا تتضح لنا رؤية و هي أننا كأفراد و مجتمع نفتقر لأهم أبعاد القراءة و أركانها، و نسبتبل الأسلوب العلمي في اقتنائها بأسلوب هوائي بحت يقتصر فقط على ما تقبله و تهضمه أبداننا الإجتماعية و الآيدلوجية إن وجدت بتزمت و جهل مما أدى إلى استفشاء أمراض القراءة بشتى صورها و أكبرها فقد القارئ القدرة على تقييم المادة المقروءة و تحليلها و تشخيصها و قبولها ممن يطرحها كونه وافق النفس و الهوى و التوجه فقط ليس إلا، فعملية القراءة لدى العموم الأغلب عملية ناقصة
يتبع